التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٤٨٣
تعرفه الملائكة.
وحكي عن البكرية في تأويل هذه الآية ان معنى الآية لو نشاء طبعنا على قلوبهم، وانكر أبو علي ذلك، وقال: هذا غلط لان معنى قوله: اني لو شئت أصبتهم بعقاب ذنوبهم وأهلكتهم كما أهلكت الأمم قبلهم بعقوبة ذنوبهم، فلا يجوز ان يعني اني لو شئت أهلكتهم فلا يتهيأ لهم ان يسمعوا بعد اهلاكهم، لان من المعلوم للعقلاء أجمع ان الموتى لا يسمعون، ولا يقبلون الايمان.
وقوله " ونطبع على قلوبهم " إنما هو استئناف وخبر منه أنه يفعل ذلك، ولم يرد أني لو شئت لطبعت لأنه بين في هذه الآية وغيرها انه مطبع على قلوب الكافرين، كقوله " بل طبع الله عليها " يعني على القلوب " بكفرهم فلا يؤمنون الا قليلا " (1) أي الا قليلا منهم، لان أهل الطبع قد يؤمن بعضهم، وهو خلاف قول الحسن، فان تأويله عنده الا ايمانا قليلا. وقال الزجاج: هو على الاستئناف، لأنه لو كان محمولا على أصبنا لكان وجه الكلام ولطبعنا، وهو قول الفراء.
وقوله " فهم لا يسمعون " أي لا يقبلون الايمان مع هدايتنا لهم وتخويفنا إياهم. وفائدة الآية الانكار على الجهال تركهم الاعتبار بمن مضى من الأمم قبلهم، وانه قد طبع على قلوب من لا يفلح منهم عيبا، وذما لهم.
وقال البلخي: شبه الله تعالى الكفر بالصدى الذي يركب المرآة والسيف لأنه يذهب عن القلوب بحلاوة الايمان ونور الاسلام، كما يذهب الصدى بنور السيف، وصفاء المرآة، ولما صاروا عند امر الله لهم بالايمان إلى الكفر جاز ان يضيف الطبع إلى نفسه، كما قال " زادتهم رجسا إلى رجسهم " (2) وان كانت السورة لم تزدهم ذلك.

(1) سورة 4 النساء آية 154 (2) سورة 9 التوبة 126.
(٤٨٣)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، الموت (1)، الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 478 479 480 481 482 483 484 485 486 487 488 ... » »»
الفهرست