التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ٣٨٢
قوله تعالى:
وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمر نا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون (27) آية بلا خلاف.
الكناية في قوله " فعلوا فاحشة " كناية عن المشركين، الذين كانوا يبدون سوآتهم في طوافهم: النساء والرجال الحمس خاصة، وله خبر طويل - في قول ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والشعبي والسدي، وقالت العامرية:
اليوم يبدو بعضه أو كله * وما بدا منه فلا أحله (1) قال الفراء: كانوا يعملون ستا من سور مقطعة يشدون على حقوهم فسمي حوقا، وإن عمل من صوف سمي رهطا.
وقال الحسن وأبو علي: هي كناية عن عبدة الأوثان وفواحشهم الشرك بالله والكفر بنعمه. والفاحشة ما عظم قبحه في قول الزجاج، يقال فحش يفحش فحشا، ولا يقال في الصغيرة - عند من قال بها - فاحشة، وإن قيل فيها: إنها قبيحة، كما لا يقال في القوم فاحش، وإن قيل: قبيح.
أخبر الله تعالى عن هؤلاء الكفار أنهم " إذا فعلوا فاحشة " وارتكبوا قبيحا اعتذروا لنفوسهم بأن قالوا: وجدنا آباءنا يفعلونها. قال الحسن:
وإنما دعاهم إلى هذا القول، لان أهل الجاهلية كانوا أهل اجبار، وقالوا:
لو كره الله ما نحن عليه من هذا الدين لنقلنا عنه، فهو قوله " والله أمرنا بها " وقال غيره: إنهم توهموا أن آباءهم لم يفعلوا ذلك إلا وهو من قبل الله.
وإنما قال آباؤهم بسببه فحينئذ رد الله عليهم قولهم بأن قال " إن الله لا يأمر بالفحشاء " ثم قال على وجه الانكار " أتقولون على الله ما لا تعلمون "؟!

(١) تفسير الطبري: ١٢ / ٣٧٧، ٣٨٩، ٣٩٠، ٣٩١، ٣٩٣ ومعاني القرآن للفراء 1 / 377.
(٣٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 377 378 379 380 381 382 383 384 385 386 387 ... » »»
الفهرست