التبيان - الشيخ الطوسي - ج ٤ - الصفحة ١٤٥
قال أبو علي الفارسي: الوجه الغداة، لأنها تستعمل نكرة وتتعرف باللام فأما غدوة فمعرفة أبدا، وهو علم صيغ له. قال سيبويه: غدوة وبكرة جعل كل واحد منهما اسما للجنس كما جعلوا أم حنين اسما لدابة معروفة، كذلك هذا ووجه قراءة ابن عامر أن سيبويه قال زعم الخليل أنه يجوز ان تقول أتيتك اليوم غدوة وبكرة، فجعلها بمنزلة ضحوة.
وقوله " فتطردهم " نصب الدال، لأنه جواب النفي في قوله: " ما عليك من حسابهم " ونصب فيكون لأنه جواب لقوله: " ولا تطرد الذين..
فتكون من الظالمين.. ما عليك من حسابهم من شئ " قال قوم يعني من حساب رزقهم في الدنيا ليس رزقهم في يدك ولا رزقك في أيديهم، بل الله رازق الجميع.
وقال الجبائي وهو الأظهر: ما عليك من اعمالهم، ولا عليهم من أعمالك، بل كل واحد يؤاخذ بعمله، ويجازي على فعله، لا على فعل غيره. وقوله " فتطردهم فتكون من الظالمين " اخبار منه تعالى انه لو طرد كل هؤلاء تقريبا إلى الكبراء منهم كان بذلك ظالما. والنبي صلى الله عليه وآله وان لم يقدم على القبيح جاز ان ينهى عنه، لأنه قادر عليه وإن كان النهي والزجر يمتنع منه، كما قال تعالى " لئن أشركت ليحبطن عملك " وإن كان الشرك مأمونا منه.
قوله تعالى:
وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين (53) آية بلا خلاف.
معنى الآية انه تعالى اخبر انه يمتحن (1) الفقراء بالأغنياء والأغنياء بالفقراء فيختبر صبر الفقراء على ما يرون من حال الأغنياء، واعراضهم عنهم إلى طاعة الرسل ويختبر شكر الأغنياء واقرارهم لمن يسبقهم من الفقراء، والموالي والعبيد

(1) في المخطوطة " ابتلى " بدل " يمتحن ".
(١٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 ... » »»
الفهرست