فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٤٩
أهل النار. وقال أبو منصور الأزهري: القدم هم الذين قدم الله بتخليدهم في النار فعلى هذا يكون في المعنى وجهين أحدهما: كل شئ قدمه. اه‍ قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (8 / 596):
واختلف في المراد بالقدم فطريق السلف في هذا وغيره مشهورة وهو أن تمر كما جاءت ولا يتعرض لتأويله بل نعتقد استحالة ما يوهم النقص على الله تعالى، وخاض كثير من أهل العلم في تأويل ذلك، فقال: المراد إذلال جهنم، فإنها إذا بالغت في الطغيان وطلب المزيد أذلها الله فوضعها تحت القدم، وليس المراد حقيقة القدم، والعرب تستعمل ألفاظ الأعضاء في ضرب الأمثال ولا تريد أعيانها، كقولهم رغم أنفه وسقط في يده.... وقال ابن حبان في صحيحه (1 / 423) بعد إخراجه: هذا من الأخبار التي أطلقت بتمثيل المجاورة وذلك أن يوم القيامة يلقى في النار من الأمم والأمكنة التي عمي الله فيها فلا تزال تستزيد حتى يضع الرب فيها موضعا من الأمكنة المذكورة فتمتلئ لأن العرب تطلق القدم على الموضع، قال تعالى: (لهم قدم صدق عند ربهم) يريد موضع صدق.... وزعم ابن الجوزي أن الرواية التي جاءت بلفظ (الرجل) تحريف من بعض الرواة لظنه أن المراد بالقدم الجارحة فرواها بالمعنى فأخطأ، ثم قال: ويحتمل أن يكون المراد بالرجل ان كانت محفوظة الجماعة كما تقول رجل من جراد، فالتقدير يضع فيها جماعة، وأضافهم إليه إضافة اختصاص....
وقال أبو الوفاء بن عقيل: تعالى الله عن أنه لا يعمل أمره في النار حتى يستعين عليها بشئ من ذاته أو صفاته وهو القائل للنار (كوني بردا وسلاما) فمن يأمر نارا أججها غيره أن تنقلب عن طبعها وهو الإحراق فتنقلب كيف يحتاج في نار يؤججها هو إلى استعانة انتهى من فتح الباري فتأمل.
وقال الحافظ ابن الجوزي في (الباز الأشهب) ص (85) - ذاما المشبهة -: وقال ابن الزاغوني: نقول إنما وضع قدمه في النار ليخبرهم أن أصنافهم تحترق وأنا لا أحرق.
قلت: وهذا اثبات تبعيض، وهو من أقبح الاعتقادات.
قلت: ورأيت أبا بكر بن خزيمة قد جمع كتابا في الصفات وبوبه فقال: باب اثبات اليد، باب امساك السماوات على أصابعه باب اثبات الرجل وان رغمت أنوف المعتزلة ثم قال: قال الله تعالى: (ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها) فأعلمنا أن من لا يد له ولا رجل فهو كالانعام.
قلت: وإني لأعجب من هذا الرجل مع علو قدره في علم النقل يقول هذا ويثبت لله ما ذم الأصنام بعدمه من اليد الباطشة والرجل الماشية، ويلزمه أن يثبت الأذن ولو رزق الفهم ما تكلم بهذا، وأفهم أن الله تعالى عاب الأصنام عند عابديها، والمعنى لكم أيد وأرجل فكيف عبدتم ناقصا لا يد له يبطش ولا رجل يمشي بها.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67