النار، حتى يستعين عليها بشئ من ذاته أو صفاته (66)، وهو القائل للنار (كوني بردا وسلاما)، فمن يأمر نارا أججها غيره، أن تنقلب عن طبعها وهو الإحراق فتنقلب، كيف يحتاج في نار يؤججها هو إلى استعانة؟ (67) اه. فكيف مع هذا الإشكال يجزم الهروي بإثبات القدم والرجل صفة لله تعالى؟ وصفات الله عز وجل لا تثبت إلا بدليل قطعي كالقرآن أو السنة الصحيحة المقطوع بها، ولا يكون لاحتمال التأويل فيها مجال.
الخلاصة: أن الحديث صحيح بأن النار تقول هل من مزيد؟ حتى يضع الرب فيها قدمه، لكن لا يجوز أن نجزم بأن القدم صفة الله تعالى، لأنها محتملة للتأويل، ولا ينسب صفة لله إلا ما كان مقطوعا به.
فمن يثبت القدم لله، ثم يزعم تنزيه الله عن الجوارح متناقض، لأنه أثبت جارحة ثم نفاها. وذكر في ترجمة المؤلف أن مسعود بن سبكتكين قدم هراة سنة ثلاثين وأربعمائة فاستحضر شيخ الإسلام - الهروي -، وقال له: أتقول إن الله عز وجل يضع قدمه في النار؟ فقال: أطال الله بقاء السلطان المعظم، إن الله عز وجل لا يتضرر بالنار، والنار لا تضره، والرسول لا يكذب عليه، وعلماء هذه الأمة لا يتزيدون فيما يروون عنه ويسندون إليه. فاستحسن جوابه ورده مكرما (68). وهذا استدلال ظريف! (69) حيث أن الله لا يتضرر بالنار، والنار لا تضره فلنثبت له قدمين ورجلين. أرأيت كيف تكون الحجة الناهضة؟! بل هي الحجة الداحضة، فنحن نمنع نسبة القدم إلى الله، لأنها لم تثبت بدليل