فتح المعين - حسن بن علي السقاف - الصفحة ٥٢
النار، حتى يستعين عليها بشئ من ذاته أو صفاته (66)، وهو القائل للنار (كوني بردا وسلاما)، فمن يأمر نارا أججها غيره، أن تنقلب عن طبعها وهو الإحراق فتنقلب، كيف يحتاج في نار يؤججها هو إلى استعانة؟ (67) اه‍. فكيف مع هذا الإشكال يجزم الهروي بإثبات القدم والرجل صفة لله تعالى؟ وصفات الله عز وجل لا تثبت إلا بدليل قطعي كالقرآن أو السنة الصحيحة المقطوع بها، ولا يكون لاحتمال التأويل فيها مجال.
الخلاصة: أن الحديث صحيح بأن النار تقول هل من مزيد؟ حتى يضع الرب فيها قدمه، لكن لا يجوز أن نجزم بأن القدم صفة الله تعالى، لأنها محتملة للتأويل، ولا ينسب صفة لله إلا ما كان مقطوعا به.
فمن يثبت القدم لله، ثم يزعم تنزيه الله عن الجوارح متناقض، لأنه أثبت جارحة ثم نفاها. وذكر في ترجمة المؤلف أن مسعود بن سبكتكين قدم هراة سنة ثلاثين وأربعمائة فاستحضر شيخ الإسلام - الهروي -، وقال له: أتقول إن الله عز وجل يضع قدمه في النار؟ فقال: أطال الله بقاء السلطان المعظم، إن الله عز وجل لا يتضرر بالنار، والنار لا تضره، والرسول لا يكذب عليه، وعلماء هذه الأمة لا يتزيدون فيما يروون عنه ويسندون إليه. فاستحسن جوابه ورده مكرما (68). وهذا استدلال ظريف! (69) حيث أن الله لا يتضرر بالنار، والنار لا تضره فلنثبت له قدمين ورجلين. أرأيت كيف تكون الحجة الناهضة؟! بل هي الحجة الداحضة، فنحن نمنع نسبة القدم إلى الله، لأنها لم تثبت بدليل

(66) يعني إن قيل جدلا أن القدم بعض ذات الله أو صفة من صفاته.
(67) انظر الفتح (8 / 597).
(68) انظر ذيل طبقات الحنابلة لابن رجب (1 / 57).
(69) يصلح ان يوضع في كتاب (أخبار الحمقى والمغفلين). وهذا القول كقول ابن الزاغوني المسكين: نقول إنما وضع قدمه في النار ليخبرهم أن أصنافهم تحترق وأنا لا أحرق. اه‍ ونسي المسكين أن الملائكة خزنة النار لا تحترق وكذا غيرهم ممن يأمرهم الله بدخولها عند الامتحان على قول مرجوح وبه يسقط استدلال هذا المسكين.
(٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 توطئة 3
2 تقديم 4
3 فتح المعين بنقد كتاب الأربعين 11
4 مقدمة 12
5 نقد باب إيجاب قبول صفة الله تعالى 16
6 نقد في باب الرد على من رأى كتمان أحاديث صفات الله تعالى 19
7 نقد باب أن الله تبارك وتقدس وتعالى شيء 23
8 نقد باب أن الله عز وجل شخص 24
9 تنبيه 25
10 نقد باب إثبات النفس لله عز وجل 26
11 نقد باب الدليل على أنه تعالى في السماء 27
12 نقد باب وضع الله عز وجل قدمه على الكرسي 29
13 نقد باب إثبات الحد لله عز وجل 31
14 نقد باب في إثبات الجهات لله عز وجل 32
15 نقد باب إثبات الصورة له عز وجل 34
16 نقد باب إثبات العينين له تعالى وتقدس 36
17 نقد باب إثبات اليدين لله عز وجل 38
18 نقد باب خلق الله الفردوس بيده 39
19 نقد باب إثبات الخط لله عز وجل 41
20 نقد باب أخذ الله صدقة المؤمن بيده 42
21 نقد باب إثبات الأصابع لله عز وجل 43
22 نقد باب إثبات الضحك لله عز وجل 46
23 نقد باب إثبات القدم لله عز وجل 48
24 نقد باب الدليل على أن القدم هو الرجل 51
25 نقد باب إثبات الهرولة لله عز وجل 53
26 نقد باب إثبات نزوله إلى السماء الدنيا 54
27 نقد باب إثبات رؤيتهم إياه عز وجل في الجنة 57
28 خاتمة فيها مسائل 58
29 بيني وبين الشيخ بكر 67