القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ٢٣
وسلم في صلاة الفجر، فثقلت عليه القراءة فلما فرغ قال " لعلكم تقرأون خلف إمامكم؟! ". قلنا نعم، هذا (2). يا رسول الله. قال: " لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها حسنه الترمذي وصححه البخاري في جزء القراءة وابن حبان والحاكم وغيرهم، وما أعل به من عنعنة ابن إسحاق مردود بقول البيهقي. وقد رواه إبراهيم بن سعد عن محمد بن إسحاق فذكر سماعه فيه من مكحول، فصار الحديث بذلك موصولا صحيحا ا ه‍.
وقال الخطائي: إسناده جيد لا طعن فيه، وقال الحافظ في التلخيص الحبير وتخريج أحاديث الأذكار: إسناده حسن، وروى الدارقطني عن عبادة بن الصامت أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " لا يقرأن أحدكم شيئا من القرآن إذا جهرت بالقراءة إلا بأم القرآن ". قال الدارقطني: رواته كلهم ثقات.
أما النهي عن القراءة مطلقا فلم يثبت أبدا، فكيف يدعي الألباني نسخ قراءة الفاتحة؟! أليس هذا جهلا واضحا؟.
الرابع تقرر في علم الأصول: أن الجمع بين الأدلة واجب، لا يجوز العدول عنه إذا كان ممكنا بوجه من الوجوه.
والجمع هنا ممكن بوضوح، والأحاديث نفسها بشير إليه. فالذين قرأوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم جهروا بالقراءة، فلذلك قال: " ظننت أن أحدكم خالجنيها... ما لي أنازع؟ ". وكانوا يقرأون السورة مثل سبح حرصا على حفظها منه صلى الله عليه وآله وسلم فأرشدهم إلى الإنصات وترك الجهر لئلا يحصل تشويش وأمرهم مع ذلك بقراءة الفاتحة في أنفسهم. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم: " وإذا قرأ فأنصتوا ". معناه لا تجهروا بالقراءة، وهم مأمورون بقراءة الإمام له قراءة ". حديث ضعيف بجميع طرقه، ولو فرضنا أنه يتقوى بتلك الطرق الضعيفة، لا يتجاوز أن يكون له أصل فلا يرقى إلى معارضة حديث الفاتحة المتواتر كما قال البخاري.

(2) بتشديد الذال المعجمة: أي سريعا.
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 » »»