القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ١٥
وهذا الكلام يدل على جهل عريض. وقد أغرب بعزو أثر عائشة إلى السراج والمخلص خلص الله الألباني من جهله، مع أنه في مصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق، وجهل الألباني فيما قاله يتبين بوجوه:
الأول: أن قول ابن مسعود: فلما قبض قلنا السلام على النبي، ليس عن توقيف بل هو اجتهاد منه وممن وافقه، استنادا منهم إلى أن الوفاة تناسبها الغيبة، وهو خطأ، لما سيأتي:
الثاني: لو كان عند ابن مسعود توقيف بذلك، لصرح به بأن يقول: فلما قبض قلنا بأمره أو بإرشاد، فلما لم يقل دل على أنه رأي له محض.
الثالث: أن التشهد يتعلق بالصلاة التي هي أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، وكان الصحابة يتعلمونه، كما يتعلمون السورة من القرآن، فلو كان عندهم توقيف، لنقلوه إلينا كما نقلوا ألفاظ التشهد، لأنه قيد متمم لها، وهم يعرفون إن نقل المقيد بدون قيد لا يجوز.
الرابع: أنه ثبت بالأسانيد الصحيحة في الموطأ ومصنف ابن أبي شيبة ومصنف عبد الرزاق وغيرها عن عبد الرحمن بن عبد القاري أنه سمع عمر رضي الله عنه يعلم الناس التشهد على المنبر، وهو يقول: قولوا: التحيات لله الزاكيات لله الصلوات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. الخ. هكذا علم عمر التشهد على منبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحضرة المهاجرين والأنصار، ولو كان توقيف بتغيير صيغة السلام، لما خفي على عمر، ولو خفي عليه، لنبهه بعض الصحابة الذين سمعوا تعليمه.
ومثل هذا ما رواه الطحاوي في معاني الآثار عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان أبو بكر رضي الله عنه يعلمنا التشهد على المنبر كما تعلمون الصبيان الكتاب، ثم ذكر مثل تشهد ابن مسعود رضي الله عنه، لكن في سنده زيد العمي. ومثله ما رواه الطبراني من طريق إسماعيل بن عياش عن حريز بن عثمان عن راشد بن سعد عن معاوية بن أبي سفيان أنه كان يعلم الناس التشهد وهو على المنبر:
التحيات لله والصلوات والطيبات فذكر مثل تشهد ابن مسعود.
الخامس: روى الطبراني بإسناد صحيح عن الشعبي قال: كان ابن مسعود يقول بعد السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته: السلام علينا من ربنا: فهذه
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»