القول المقنع في الرد على الألباني المبتدع - الحافظ ابن الصديق المغربي - الصفحة ١١
فائدة حصل خلاف كبير في توجيه التشبيه في الصلاة الإبراهيمية، وذكروا وجوها كثيرة، وألف العلامة محمد موسى الروحاني البازي كتابا سماه " فتح العليم لحل أشكال التشبيه العظيم في حديث كما صليت على إبراهيم ". ذكر فيه سبعة وثمانين ومائة جواب، وألهمني الله جوابا رافعا للإشكال، ذكرته في كتاب فضائل النبي في القرآن.
وحاصله: أن التشبيه نوعان:
الأول: إلحاق مفضول بفاضل، نحو زيد كالبدر، وأبو يوسف كأبي حنيفة، والشجاع كالأسد.
والآخر: إلحاق متأخر، بمتقدم من غير نظر إلى المفاضلة بينهما، بل قد يكون المتأخر أفضل من المتقدم. نحو قول الله تعالى (وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم) شبه استخلاف المسلمين باستخلاف اليهود، لكونه سابقا في الوجود، مع أن استخلاف المسلمين أعم وأقوى. والتشبيه في الصلاة الإبراهيمية من هذا النوع، والمعنى: اللهم صل على محمد كما سبقت الصلاة منك على إبراهيم من غير اعتبار مفاضلة بينهما. وإن كانت الصلاة على محمد في الواقع أفضل منها على إبراهيم وبهذا زال الإشكال، ولم يبق محل لكثرة القيل والقال. وهذه الفائدة ذكرناها استطرادا، متممة لبحث الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
خامسا: عاب الألباني مخالفتي للذهبي، واعتبرها تبجحا باردا وتطاولا على مقامه بدون مسوغ. وأقول: هنا يصح ذكر الحديث " يبصر أحدكم القذى في عين أخيه وينسى الجذع في عينه " فالألباني أكثر الناس تطاولا على مقام أئمة كبار، مع تبجح أبراد من الثلج، وسفه سمج، ويكفيه ذما وعابا أنه تطاول على مقام الإمام مسلم بن الحجاج الحافظ العلم وضعف أحاديثه في صحيحه الذي هو أحد الصحيحين اللذين تلقتهما الإمامة بالقبول، ولهما عند الحفاظ جلالة ومهابة، وليته ضعف تلك الأحاديث بعلم ومعرفة، ولكن بجهل ووقاحة. وقد تتبع تلميذنا الأستاذ المحقق الفاضل محمود سعيد: الأحاديث التي ضعفها، بالنقد والتزييف حديثا حديثا في كتاب سماه " تنبيه المسلم إلى تعدي الألباني على صحيح مسلم ". وبين سقوط تضعيفه
(١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 ... » »»