فيض القدير شرح الجامع الصغير - المناوي - ج ٢ - الصفحة ٧٢١
2574 - (إنما الدين) أي الملة وهو دين الإسلام أي عماده وقوامه ومعظمه كالحج عرفة فالحصر مجازي بل ادعى جمع أنه حقيقي لما سيجئ في معنى النصح وأنه لم يبق من الدين شيئا (النصح) هو لغة الإخلاص والتصفية وشرعا إخلاص الرأي من الغش للنصوح وإيثار مصلحته ومن ثم كانت هذه الكلمة مع وجازة لفظها ليس في كلامهم أجمع منها ولهذا عبر بأداة الحصر والقصر فمن لا نصح عنده فليس عنده من الدين إلا الاسم وحقيق بالنصح أن يكون بهذه المثابة لأنه الوصف النفسي الذي لا يصدر عنها إلا وهي خالصة من النفاق عارية من الغش فدل بهذه الجملة على أن النصح يسمى دينا وأن الدين يقع على العمل كما يقع على القول (أبو الشيخ) الأصبهاني (في التوبيخ عن ابن عمر) بن الخطاب.
2575 - (إنما المجالس بالأمانة) أي أن المجالس الحسنة إنما هي المصحوبة بالأمانة أي كتمان ما يقع فيها من التفاوض في الأسرار فلا يحل لأحد من أهل المجلس أن يفشي على صاحبه ما يكره إفشاؤه كما أفصح به في الخبر الآتي (أبو الشيخ في التوبيخ عن عثمان) بن عفان (وعن ابن عباس).
2576 - (إنما يتجالس المتجالسان) أي الشخصان الذي يجلس أحدهما إلى الآخر للتحدث (بأمانة الله تعالى فلا يحل لأحدهما أن يفشي عن صاحبه ما يخاف) من إفشائه. قال البيهقي فيه حفظ المسلم سر أخيه وتأكد الاحتياط لحفظ الأسرار لا سيما عن الأشرار والفجار فاحذر أن تضيع أمانة استودعتها، وتضييعها أن تحدث بها غير صاحبها فتكون ممن خالف قول الله * (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) * [النساء: 58] فتكون من الظالمين وتحشر في زمرة الخائنين (أبو الشيخ) في الثواب (عن أبي مسعود) ورواه عنه أيضا ابن لآل ثم إن فيه عبد الله بن محمد بن المغيرة قال الذهبي في الضعفاء قال العقيلي يحدث بما لا أصل له وقال ابن عدي عامة حديثه لا يتابع عليه ورواه البيهقي في الشعب مرسلا وقال هذا مرسل جيد.
2577 - (إنما العلم) أي تحصيله (بالتعلم) بضم اللام على الصواب كما قاله الزركشي ويروى بالتعليم أي ليس العلم المعتبر إلا المأخوذ عن الأنبياء وورثتهم على سبيل التعليم، وتعلمه طلبه واكتسابه من أهله وأخذه عنهم حيث كانوا فلا علم إلا بتعلم من الشارع أو من ناب عنه منابه وما
(٧٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 716 717 718 719 720 721 722 723 724 725 726 ... » »»