شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠٢
وأما موالي صفية فحكم الله فيهم ما أفتى به أمير المؤمنين عليه السلام وليس سكوته حيث سكت عند عمر رجوعا عما أفتى به ولكنه كسكوته عن كثير من الحق تقيه ومداراة للقوم.
وأما قوله عليه السلام (سلوني قبل أن تفقدوني) وقوله (إن هاهنا لعلما جما) إلى غير ذلك فإنه لا يدل على عظم المحل في العلم فقط على ما ظنه صاحب الكتاب بل هو قول واثق بنفسه آمن من أن يسأل عما لا يعلمه وكيف يجوز أن يقول مثله على رؤوس الاشهاد وظهور المنابر (سلوني قبل أن تفقدوني) وهو يعلم أن كثيرا من أحكام الدين يعزب عنه (1) وأين كان أعداؤه والمنتهزون لفرصته وزلته عن سؤاله عن مشكل المسائل وغوامض الاحكام! والامر في هذا ظاهر.
فأما استبعاد أبى على لما روى عنه عليه السلام من قوله (لو ثنيت لي الوسادة) للوجه الذي ظنه فهو البعيد فإنه لم يفطن لغرضه عليه السلام وإنما أراد: أنى كنت أقاضيهم إلى كتبهم الدالة على البشارة بنبينا صلى الله عليه وآله وصحة شرعه فأكون حاكما حينئذ عليهم بما تقتضيه كتبهم من هذه الشريعة وأحكام هذا القرآن وهذا من جليل الأغراض وعظيمها (2).
* * * الطعن الثاني أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ وقال: إن يكن لك عليها سبيل فلا سبيل لك على ما في بطنها فرجع عن حكمه وقال: لولا معاذ لهلك عمر ومن يجهل هذا القدر لا يجوز أن يكون إماما لأنه يجرى مجرى أصول الشرع بل العقل يدل عليه لان الرجم عقوبة ولا يجوز أن يعاقب من لا يستحق.
.

(1) الشافي: (يغرب).
(2) الشافي 252، 253.
(٢٠٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281