شرح نهج البلاغة - ابن أبي الحديد - ج ١٢ - الصفحة ٢٠١
فأما قوله فهلا قال في مرض رسول الله صلى الله عليه وآله لما رأى جزعهم لموته:
(قد أمنكم الله من موته)! فغير لازم لان الشبهة لا تجب أن تخطر بالبال في كل الأوقات فلعله قد كان في ذلك الوقت غافلا عنها مشغول الذهن بغيرها ولو صح للمرتضى هذا لوجب أن يدفع ويبطل كل ما يتجدد ويطرأ على الناس من الشبهة في المذاهب والآراء فنقول: كيف طرأت عليهم هذه الشبهات الان ولم تطرأ عليهم من قبل؟ وهذا من اعتراضات المرتضى الضعيفة على أنا قد ذكرنا نحن في الجزء الأول من هذا الكتاب ما قصده عمر بقوله (أن رسول الله لم يمت) وقلنا فيه قولا شافيا لم نسبق إليه فليعاود ثم قال المرتضى: فأما ما روى عن أمير المؤمنين عليه السلام من خبر الاستحلاف في الاخبار فلا يدل على عدم علم أمير المؤمنين بالحكم لأنه يجوز أن يكون استحلافه ليرهب المخبر ويخوفه من الكذب على النبي صلى الله عليه وآله لان العلم بصحة الحكم الذي يتضمنه الخبر لا يقتضى صدق المخبر وأيضا فلا تاريخ لهذا الحديث (1) ويمكن أن يكون استحلافه عليه السلام للرواة (2) إنما كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وفى تلك الحال لم يكن محيطا بجميع الاحكام.
فأما حديث الدفن وإدخاله في باب أحكام الدين التي يجب معرفتها فطريف وقد يجوز أن يكون أمير المؤمنين عليه وآله سمع من النبي صلى الله عليه وآله في باب الدفن مثل ما سمعه أبو بكر وكان عازما على العمل به حتى روى أبو بكر ما رواه فعمل بما كان يعلمه لا من طريق أبى بكر وظن الناس أن العمل لأجله ويجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وآله خير وصيه عليه السلام في موضع دفنه ولم يعين له موضعا بعينه فلما روى أبو بكر ما رواه رأى موافقته فليس في هذا دلالة على أنه عليه السلام استفاد حكما لم يكن عنده.

(1) الشافي: (الخبر).
(2) الشافي: (في الاخبار).
(٢٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 223 - من كلام له عليه السلام في شأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 3
2 نكت من كلام عمر وسيرته وأخلاقه 6
3 خطب عمر الطوال 108
4 عود إلى ذكر سيرته وأخباره 112
5 نبذ من كلام عمر 116
6 أخبار عمر مع عمرو بن معد يكرب 118
7 فصل فيما نقل عن عمر من الكلمات الغريبة 120
8 ذكر الأحاديث الواردة في فضل عمر 177
9 ذكر ما ورد من الخبر عن إسلام عمر 182
10 تاريخ موت والأخبار الواردة بذلك 184
11 فصل في ذكر ما طعن به على عمر والجواب عنه 195
12 الطعن الأول: ما ذكروا عنه من قوله عندما علم بموت الرسول عليه السلام، والجواب عن ذلك 195
13 الطعن الثاني: ما ذكروا من أنه أمر برجم حامل حتى نبهه معاذ، والجواب عن ذلك 202
14 الطعن الثالث: ما ذكروا من خبر المجنونة التي أمر برجمها، والجواب عن ذلك 205
15 الطعن الرابع. ما ذكروه من أنه منع من المغالاة في صدقات النساء، والجواب عن ذلك 208
16 الطعن الخامس: ما ذكروه أنه كان يعطى من بيت المال مالا يجوز، والجواب عن ذلك 210
17 الطعن السادس: ما ذكروه أنه عطل حد الله في المغيرة بن شعبة، والجواب عن ذلك 227
18 الطعن السابع: ما ذكروه أنه كان يتلون في الأحكام، والجواب عن ذلك 246
19 الطعن الثامن: ما ذكروه من قوله في المتعة، والجواب عن ذلك 251
20 الطعن التاسع: ما روى عنه في قصة الشورى، وكونه خرج بها عن الاختيار والنص جميعا، والجواب عن ذلك 256
21 الطعن العاشر: ما ذكروه من قولهم: إنه أبدع في الدين مالا يجوز، والجواب عن ذلك 281