التمهيد - ابن عبد البر - ج ٨ - الصفحة ١٩٠
وكانت الأصول تدفع قبول قول ابنه عليه لم يبق إلا القضاء بأنه عبد تبع لأمه وأمر سودة بالاحتجاب منه لأنها لم تملك منه إلا شقصا وهذا أيضا من الطبري تحكم خلاف ظاهر الحديث ومن قال له أنها ولدت من غير سيدها وهو يرى في الحديث قول عبد بن زمعة أخي وابن وليدة أبي ولد على فراشه فلم ينكر رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله وقضى بالولد للفراش وقد قدمت لك من الاجماع على أن الولد لاحق بالفراش وأن ذلك من حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم مجمع عليه ومن أن ولد الزنى في الإسل لا يلحق بإجماع ما يقطع العذر وتسكن إليه النفس لأنه أصل وإجماع ونص وليس التأويل كالنص وقال أبو جعفر الطحاوي ليس قول من قال أن دعوى سعد في هذا الحديث كالدعوى بشيء لأن سعدا إنما ادعى ما كان معروفا في الجاهلية من لحوق ولد الزنى بمن ادعاه وقد كان عمر يقضي بذلك في الإسلام فادعى سعد وصية أخيه بما كان يحكم في الجاهلية به فكانت دعواه لأخيه كدعوى أخيه لنفسه غير أن عبد بن زمعة قابله بدعوى توجب عتقا للمدعى لأن مدعيه كان يملك بعضه حين ادعى فيه ما ادعى ويعتق عليه ما كان يملك فيه فكان ذلك هو الذي أبطل دعوى سعد ولما كان لعبد بن زمعة شريك فيما ادعاه وهو أخته سودة ولم يعلم منها في ذلك تصديق له ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد بن زمعة ما أقر به في نفسه ولم يجعل ذلك حجة على أخته إذ لم تصدقه ولم يجعله أخاها وأمرها بالحجاب منه قال وأما قوله صلى الله عليه وسلم هو لك يا عبد بن زمعة فمعناه هو لك يدك عليه لا أنك تملكه ولكن تمنع بيدك عليه كل من سواك منه كما
(١٩٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 ... » »»