الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٣٧
وحكى بن خواز بنداذ عن مالك وأصحابه أن ما حول المخرج مما لا بد منه في الأغلب والعادة لا يجزئ فيه إلا الماء ولم أر عن مالك هذا القياس وقالت طائفة من أصحابنا إن الأحجار تجزئ في مثل ذلك لأن ما لا يمكنه التحفظ منه مثل الشعر وما يقرب منه حكمه حكم المخرج واختلف أصحاب الشافعي أيضا فمنهم من قال تجزئ فيه الأحجار ومنهم من أبى ذلك وأما أبو حنيفة وأصحابه فعلى أصلهم أن النجاسة تزول بكل ما أزال عينها وأذهبها ماء كان أو غيره وقدر الدرهم عندهم معفو عنه أصلا وقال داود النجاسة بأي وجه زالت أجزأ ولا تحد بقدر الدرهم قال مالك تجوز الصلاة بغير الاستنجاء والاستنجاء بالحجارة حسن والماء أحب إليه ويغسل ما هنالك بالماء من لم يستنج لما يستقبل وقال الأوزاعي تجوز ثلاثة أحجار والماء أطهر ومن جعل من العلماء الاستنجاء واجبا جعل الوتر فيه واجبا وسائر أهل العلم يستحبون فيه الوتر وسيأتي ذكر الاستنجاء بالماء عند قول سعيد بن المسيب قال يحيى سمعت مالكا يقول في الرجل يتمضمض ويستنثر من غرفة واحدة إنه لا بأس بذلك قال أبو عمرو في حديث عبد الله بن زيد بن عاصم ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تمضمض واستنشق واستنثر من كف واحدة)) حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا محمد بن بكر حدثنا أبو داود حدثنا مسدد قال حدثنا خالد بن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم بهذا الحديث قال ((فمضمض واستنشق من كف واحدة ففعل ذلك ثلاث مرات)) وذكر نحو حديث مالك وهو أمر لا أعلم فيه خلافا أنه من شاء فعله ومن أهل العلم من يستحسنه ومنهم من يستحب أن يستنشق من غير الماء الذي تمضمض منه وكل قد روي 38 - مالك أنه بلغه أن عبد الرحمن بن أبي بكر قد دخل على عائشة
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»