الاستذكار - ابن عبد البر - ج ١ - الصفحة ١٣٨
زوج النبي يوم مات سعد بن أبي وقاص فدعا بوضوء (1) فقالت له عائشة يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء (2) فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ((ويل للأعقاب (3) من النار)) هذا الحديث يروى متصلا مسندا عن النبي - عليه السلام - من وجوه شتى من حديث عائشة ومن حديث أبي هريرة ومن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ومن حديث عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وقد ذكرتها كلها في ((التمهيد)) والحمد لله وحديث عبد الله بن عمرو وأبي هريرة وعبد الله بن الحارث بن جزء لا علة في شيء من أسانيدها ولا مقال وفيه من الفقه غسل الرجلين وفي ذلك تفسير لقوله تعالى " وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " [المائدة 6] فرويت بخفض * (وأرجلكم) * ونصبها وفي هذا الحديث دليل على أن المراد بذلك غسل الأرجل لا مسحها لأن المسح ليس شأنه استيعاب الممسوح فدل على أن من جر الأرجل عطفها على اللفظ لا على المعنى والمعنى فيهما الغسل على التقديم والتأخير كأنه قال فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برؤوسكم والقراءتان صحيحتان مستفيضتان ومعلوم أن الغسل مخالف للمسح وغير جائز أن تبطل إحدى القراءتين بالأخرى فلم يبق إلا أن يكون المعنى الغسل أو العطف على اللفظ وكذلك قال أشهب عن مالك أنه سئل عن قراءة من قرأ ((وأرجلكم)) بالخفض فقال هو الغسل وهذا التأويل تعضده سنة رسول الله المجتمع عليها بأنه كان يغسل رجليه في وضوئه مرة ومرتين وثلاثا وجاء أمره في ذلك موافقا لفعله فقال ((ويل للعراقيب من النار ويل للعراقيب وبطون الأقدام من النار)) وقد ذكرنا الألفاظ بهذه الآثار مسندة في ((التمهيد
(١٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 ... » »»