عمدة القاري - العيني - ج ٢٥ - الصفحة ١٢٨
فيه أول مرة، فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا، فلا يكلمه إلا الأنبياء، فيقول: هل بينكم وبينه آية تعرفونه؟ فيقولون: الساق، فيكشف عن ساقه، فيسجد له كل مؤمن ويبقاى من كان يسجد لله رياء وسمعة، فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقا واحدا، ثم يؤتاى بالجسر فيجعل بين ظهري جهنم قلنا: يا رسول الله وما الجسر؟ قال: مدحضة مزلة عليه خطاطيف وكلاليب وحسكة مفلطحة لها شوكة عقيفاء، تكون بنجد يقال لها: السعدان، المؤمن عليها كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب، فناج مسلم وناج مخدوش ومكدوس في نار جهنم حتى يمر آخرهم يسحب سحبا، فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق، قد تبين لكم من المؤمن يومئذ للجبار، وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم يقولون: ربنا إخواننا الذين كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويعملون معنا؟ فيقول الله تعالى: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه، ويحرم الله صورهم على النار، فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه وإلى أنصاف ساقيه فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا، ثم يعودون، فيقول: اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه، فيخرجون من عرفوا قال أبو سعيد: فإن لم تصدقوني فاقرأوا: * (إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) * فيشفع النبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي، فيقبض قبضة من النار فيخرج أقواما قد امتحشوا فيلقون في نهر بأفواه الجنة يقال له: ماء الحياة، فينبتون في حافتيه كما تنبت الحبة في حميل السيل قد رأيتموها إلى جانب الصخرة وإلى جانب الشجرة، فما كان إلى الشمس منها كان أخضر، وما كان منها إلى الظل كان أبيض، فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخواتيم فيدخلون الجنة، فيقول: أهل الجنة: هاؤلاء عتقاء الرحمان، أدخلهم الجنة بغير عمل عملوه، ولا خير قدموه، فيقال لهم: لكم ما رأيتم ومثله معه.
ا مطابقته للترجمة ظاهرة. ويحيى بن بكير هو يحيى بن عبد لله بن بكير المخزومي المصري يروي عن الليث بن سعد عن خالد بن يزيد من الزيادة الجمحي عن سعيد بن أبي هلال الليثي المدني عن زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنه، عن عطاء بن يسار ضد اليمين عن أبي سعيد الخدري واسمه سعد بن مالك.
والحديث مضى في تفسير سورة النساء عن محمد بن عبد العزيز.
يقال تضارون بالتخفيف أي: لا يلحقكم ضرر ولا يخالف بعضكم بعضا ولا تتنازعون، ويروى، بالتشديد أي: لا تضارون أحدا فتسكن الراء الأولى وتدغم في التي بعدها، وحذف مفعوله لبيان معناه. قوله: إذا كانت صحوا أي: ذات صحو، وفي الصحاح أصحت السماء انقشع عنها الغيم فهي مصحية. وقال الكسائي: فهي صحو، ولا تقل: مصحية. قوله: إلا كما تضارون بفتح التاء المثناة من فوق وضمها وتشديد الراء وتخفيفها. قوله: وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم وفي رواية مع إلاههم بالإفراد. قوله: وغبرات بضم الغين المعجمة وتشديد الباء الموحدة أي: بقايا. وقال الكرماني: جمع غابر، وليس كذلك بل هو جمع غبر وغبر الشيء بقيته. وقال ابن الأثير: الغبرات جمع غبر، والغبر جمع غابر. قوله: كأنها سراب هو الذي يتراءى للناس
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 ... » »»