عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٥٣
يمسكه رقيقا أو يكاتبه أو يهبه أو يدبره، وسواء أيسر المعتق بعد عتقه أو لم يوسر. العاشر: مذهب الشافعي في قول، وأحمد وإسحاق: أن الذي أعتق إن كان موسرا قوم عليه حصة من شركه، وهو حر كله حين أعتق الذي أعتق نصيبه، وليس لمن يشركه أن يعتقه، ولا أن يمسكه وإن كان معسرا. فقد عتق ما عتق وبقي سائره مملوكا يتصرف فيه مالكه كيف شاء. الحادي عشر: مذهب عبد الله بن شبرمة والأوزاعي والحسن بن حي وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار والشعبي والحسن البصري وحماد بن أبي سليمان وقتادة كمذهب أبي يوسف ومحمد، وقد ذكرناه. الثاني عشر: مذهب أبي حنيفة، وقد ذكرناه. الثالث عشر: مذهب بكير بن الأشج فإنه قال في رجلين بينهما عبد فأراد أحدهما أن يعتق أو يكاتب: فإنهما يتقاومانه. الرابع عشر: مذهب الظاهرية، أنه إذا أعتق أحد نصيبه من العبد المشترك يعتق كله حين تلفظ بذلك، فإن كان له مال يفي بقيمة حصة شريكه على حسب طاقته، ليس للشريك غير ذلك، ولا له أن يعتق، والولاء للذي أعتق أولا، ولا يرجع العبد على من أعتقه بشيء مما سعى فيه، حدث له مال أو لم يحدث.
النوع الثالث: فيه دليل على صحة عتق الموسر وتبرعاته من الصدقة ونحوها، وهو قول جمهور العلماء، وذهب بعضهم إلى أنه إذا كان معسرا لا يصح عتق نصيبه ويبقى العبد جميعه في الرق، وحكاه القاضي عياض، وقد ادعى ابن عبد البر الاتفاق على خلافه، فقال: وقد أجمع العلماء على القول بنفوذ العتق من الشخص، سواء كان المعتق معسرا أو موسرا.
النوع الرابع: يستدل بعموم قوله: من أعتق، على أن الحكم فيه عام في جميع من يصح منه العتق، سواء كان المعتق أو الشريك أو العبد المعتق مسلما أو كافرا.
النوع الخامس: فيه أن المال الغائب كالحاضر، لأنه مالك عليه، فيعتق عليه حصة شريكه بالسراية ويطالبه بقيمة حصته، وفيه خلاف للمالكية.
النوع السادس: قال شيخنا: في قوله: ما يبلغ ثمنه، حجة لأحد الوجهين لأصحاب الشافعي أنه إذا ملك ما يبلغ بعض ثمن حصة شريكه أنه لا يعتق عليه.
النوع السابع: في أن المراد بقوله: فكان له من المال ما يبلغ ثمنه، وهو ما يفضل عن قوت يومه وقوت من يلزمه نفقته، وسكنى يومه، ودست ثوب كما هو المعتبر في الديون، وهو قول الجماهير من العلماء، وبه جزم الرافعي فإنه قال: وليس اليسار المعتبر في هذا الباب كاليسار المعتبر في الكفارة المرتبة، وكذا قال ابن الماجشون من المالكية، وقال أشهب: يباع عليه ثياب ظهره ولا يترك له إلا ما يصلي فيه، وقال ابن القاسم: يباع عليه منزله الذي يسكنه وشوار بيته، ولا يترك له إلا كسوة ظهره، وعيشة الأيام.
النوع الثامن: في قوله: من أعتق، دليل على أنه لا فرق بين أن يكون من أعتق نصيبه واحدا أو أكثر.
النوع التاسع: قال شيخنا: إذا وقع العتق من واحد فأكثر معا وكانوا موسرين فيقوم عليهم على قدر الحصص أو على عدد الرؤوس، فيه خلاف عند الشافعية والمالكية، والأصح عند أصحاب الشافعي أنه: على عدد الرؤوس كالشفعة، وصحح ابن العربي أن هذا على قدر الحصص.
النوع العاشر: قال شيخنا أيضا إن في قوله: (من أعتق شقصا له) دليل أن تقدم كتابة شريكه لعبده في حصته لا يمنع من سراية العتق في نصيب شريكه، لأن المكاتب عبد، وهو الصحيح المشهور، كما قال الرافعي.. وعن صاحب (التقريب) رواية وجه أو قول: أنه لا يسري إذ لا سبيل إلى إبطال الكتابة.
النوع الحادي عشر: قال شيخنا أيضا: وفيه أيضا أن تعلق الرهن بحصة الشريك لا يمنع من السراية، وهو الصحيح كما قال الرافعي.
النوع الثاني عشر: قال شيخنا أيضا: فيه أن تقدم تدبير الشريك بحصته على إعتاق الشريك الموسر بحصته، لا يمنع السراية أيضا، وفيه قولان للشافعي، والأقوى كما قال الرافعي: أنه لا يمنع، والقول الثاني: أنه يمنع.
النوع الثالث عشر: فيه: أيضا أن تقدم استيلاء الشريك وهو معسر لا يمنع سراية إعتاق شريكه.
النوع الرابع عشر: استدل به ابن عبد البر لقول مالك وأصحابه: إن من أفسد شيئا من العروض التي لا تكال ولا توزن فإنما عليه قيمة ما استهلك من ذلك لا مثله، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يوجب على من أعتق نصيبه نصف عبد مثله لشريكه، قال مالك: القسمة أعدل في ذلك، وهذا قول أبي حنيفة أيضا.
(٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 ... » »»