عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٨٧
اللام وفتح الميم مقصورا، أي: كل مفصل. وقال ابن الأعرابي: هي عظام أصابع اليد والقدم، وسلامى البعير عظام فرسنه. قال: وهي عظام صغار على طول الإصبع أو قريب منها، في كل يد ورجل أربع سلاميات أو ثلاث، وفي (الجامع): هي عظام الأصابع والأشاجع والأكارع، كأنها كعاب، والجمع: السلاميات. يقال: آخر ما يبقى في المخ في السلامي والعين، وقيل: السلاميات فصوص على القدمين، وهي من الإبل في داخل الأخفاف، ومن الخيل في الحوافر. وفي (الصحاح) واحده وجمعه سواء. وقال ابن الجوزي: وربما شدده إحداث طلبة الحديث لقلة علمهم، ومعنى هذا الحديث: أن عظام الإنسان هي من أصل وجوده، وبها حصول منافعه، إذ لا يتأتى الحركة والسكون إلا بها، فهي من أعظم نعم الله تعالى على الإنسان، وحق المنعم عليه أن يقابل كل نعمة منها بشكر يخصها، فيعطي صدقة كما أعطى منفعة. لكن الله، عز وجل، لطف وخفف بأن جعل العدل بين الناس وشبهه صدقة. وفي مسلم: السلامي مفاصل الإنسان، وهي ثلاثمائة وستون مفصلا، قال القرطبي: ظاهر هذا يقتضي الوجوب، ولكن خففه الله تعالى حيث جعل ما خفي من المندوبات مسقطا له. قوله: (كل يوم)، بالنصب ظرف لما قبله، وبالرفع مبتدأ، والجملة بعده خبره، والعائد يجوز حذفه. فافهم. قوله: (يعدل بين اثنين)، فاعل: يعدل، الشخص أو المكلف، وهو مبتدأ على تقدير: أن يعدل، أي: عدله، وخبره: صدقة. وهذا كقولهم: تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، والتقدير: أن تسمع، أي: سماعك.
21 ((باب إذا أشار الإمام بالصلح فأباى حكم عليه بالحكم البين)) أي: هذا باب يذكر فيه: إذا أشار الإمام إلى آخره. قوله: (فأبى)، أي: الخصم امتنع من الصلح. قوله: (بالحكم البين)، أي: الظاهر، أراد الحكم عليه بما ظهر له من الحق البين.
8072 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن الزبير كان يحدث أنه خاصم رجلا من الأنصار قد شهد بدرا إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرة كانا يسقيان به كلاهما فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم للزبير اسق يا زبير ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصاري فقال يا رسول الله أن كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال اسق ثم احبس حتى يبلغ الجدر فاستوعاى رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ حقه للزبير وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم قبل ذالك أشار على الزبير برأي سعة له وللأنصاري فلما أحفظ الأنصاري رسول الله، صلى الله عليه وسلم استوعى للزبير حقه في صريح الحكم قال عروة قال الزبير والله ما أحسب هاذه الآية نزلت إلا في ذالك * (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم) * (النساء: 56). الآية.
.
مطابقته للترجمة تؤخذ من معنى الحديث. وهذا الإسناد بهؤلاء الرجال على نسق، قد مر غير مرة. وأبو اليمان: الحكم ابن نافع الحمصي، وشعيب بن أبي حمزة الحمصي، والحديث قد مضى في الشرب في ثلاثة أبواب متوالية.
قوله: (في شراج) بالشين المعجمة وبالجيم: وهو مسيل الماء. قوله: (من الحرة)، بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء: أرض ذات حجارة سود. قوله: (كلاهما) تأكيد، ويروى: كلاهما، بفتح الكاف واللام. قوله: (أن كان) بفتح الهمزة وكسرها. قوله: (الجدر) بفتح الجيم وسكون الدال: أي: الجدار. قوله: (فاستوعى) أي: استوفى. قوله: (سعة له) بالنصب أي: للسعة، يعني مسامحة لهما، وتوسيعا عليهما على سبيل الصلح والمجاملة. قوله: (احفظ) أي: أغضب، ومادته: حاء مهملة وفاء وظاء معجمة، وقال الخطابي: يشبه أن يكون قوله: (فلما أحفظ...) إلى آخره، من كلام الزهري. وقد كان من عادته أن يصل بعض كلامه بالحديث إذا رواه، فلذلك قال له موسى بن عقبة: ميز بين قولك وقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
(٢٨٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 ... » »»