عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٨٢
9 ((باب قول النبي صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله تعالى عنهما ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين)) أي: هذا باب في ذكر قول االنبي، صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي بن أبي طالب، رضي الله تعالى عنهما إلى آخره، قوله: (ابني هذا) جملة اسمية. لأن قوله: ابني، خبر عن قوله: هذا، قوله: (سيد)، خبر بعد خبر، والسيد الرئيس، قال كراع: وجمعه سادة، قيل: سادة جمع: سائد، وهو من السؤدد، وهو الشرف، وقال ابن سيده: وقد يهمز السؤدد وتضم، وقد سادهم سودا وسوددا وسيادة وسيدودة، واستادهم كسادهم، وسوده هو، وذكر الزبيدي في كتابه (طبقات النحويين): أن أبا محمد الأعرابي قال لإبراهيم بن الحجاج الثائر بأشبيلية: بالله أيها الأمير ما سيدتك العرب إلا بحقك، يقولها بالياء، فلما أنكر عليه، قال: السواد السخام، وأصر على أن الصواب معه، ومالأه على ذلك الأمير لعظم منزلته في العلم. وقيل: اشتقاق السيد من السواد، أي: الذي يلي السواد العظيم من الناس. قوله: (ولعل الله)، استعمل: لعل، استعمال: عسى، لاشتراكهما في الرجاء. قوله: (فئتين عظيمتين) ووصفهما بالعظيمتين لأن المسلمين كانوا يومئذ فرقتين: فرقة مع الحسن، رضي الله تعالى عنه، وفرقة مع معاوية، وهذه معجزة عظيمة من النبي، صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر بهذا فوقع مثل ما أخبر.
وأصل القضية أن علي بن أبي طالب، لما ضربه عبد الرحمن بن ملجم المرادي يوم الجمعة لثلاث عشرة بقيت من رمضان من سنة أربعين من الهجرة، قاله ابن الجوزي. وقال ابن الهيثم: ضربه في ليلة سبعة وعشرين من رمضان، وقال أبو اليقظان: في الليلة السابعة عشر من رمضان، وقال الحسن: كانت ليلة القدر، الليلة التي عرج فيها بعيسى، عليه الصلاة والسلام، ونبىء فيها رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ومات فيها موسى ويوشع بن نون، عليهما السلام، مكث يوم الجمعة وليلة السبت وتوفي ليلة الأحد لإحدى عشرة ليلة بقيت من رمضان سنة أربعين من الهجرة، وبويع لابنه الحسن بالخلافة في شهر رمضان من هذه السنة، فقيل: في اليوم الذي استشهد فيه علي، قاله الواقدي، وقيل: في الليلة التي دفن فيها، وقيل: بعد وفاته بيومين، وقال هشام: وأقام الحسن أياما مفكرا في أمره ثم رأى اختلاف الناس فرقة من جهته وفرقة من جهة معاوية، ولا يستقيم الأمر، ورأى النظر في إصلاح المسلمين وحقن دمائهم أولى من النظر في حقه، سلم الخلافة لمعاوية في الخامس من ربيع الأول من سنة إحدى وأربعين، وقيل: من ربيع الأخر، وقيل: في غرة جمادي الأولى، وكانت خلافته ستة أشهر إلا أياما. وسمي هذا العام عام الجماعة. وهذا الذي أخبر به النبي، صلى الله عليه وسلم: (لعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين).
وقوله جل ذكره * (فأصلحوا بينهما) * (الحجرات: 9).
وقوله، بالجر عطفا على قوله: قول النبي صلى الله عليه وسلم، وأشار بذكر هذه القطعة من الآية الكريمة: * (وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما) * (الحجرات: 9). إلى أن الصلح أمر مشروع ومندوب إليه.
4072 حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا سفيان عن أبي موسى قال سمعت الحسن يقول استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال فقال عمرو بن العاص إنى لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس عبد الرحمان بن سمرة وعبد الله بن عامر بن كريز فقال اذهبا إلى هذا الرجل فاعرضا عليه وقولا له واطلبا إليه فأتياه فدخلا عليه فتكلما وقالا له فطلبا إليه فقال لهما الحسن بن علي إنا بنو عبد المطلب قد أصبنا من المال وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها قالا فإنه يعرض عليك كذا وكذا ويطلب إليك ويسألك قال فمن لي بهذا قالا نحن
(٢٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 ... » »»