عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ٢٧٦
الأزهري: القراب غمد السيف، والجلبان من الجلبة وهي: الجلدة التي تجعل على القتب، والجلدة التي تغشى التميمة لأنها كالغشاء للقراب. قال الخطابي: الجلبان يشبه الجراب من الأدم، يضع الراكب فيه سيفه بقرابه، ويضع فيه سوطه يعلقه الراكب من وسط رحله أو من آخره، ويحتمل أن تكون اللام ساكنة، وهو جلب، بضم الجيم واللام وتشديد الباء، ودليله قوله في رواية مؤمل عن سفيان: (إلا بجلب السلاح)، قال وجلب نفس السلاح كجلب الرحل نفس عيبته، كأنه يراد به نفس السلاح، وهو السيف خاصة من غير أن يكون معه من أدوات الحرب من لامة ورمح وجحفة ونحوها، ليكون علامة للأمن، والعرب لا تضع السلاح إلا في الأمن، قال: وقد جاء: جربان السيف، في هذا المعنى، وقال الأصمعي: الجربان: قراب السيف، فلا ينكر أن يكون ذلك من باب تعاقب اللام والراء، والذي ضبطه في أكثر الكتب بجلب السلاح، بضم اللام وتشديد الباء وضبطه الجوهري وابن فارس جربان بضم الراء وتشديد الباء بضم الراء وتشديد الباء، وقال ابن فارس: جريان السيف: قرابه، وقيل: حده، قوله: (القراب بما فيه)، تفسير الجلبان، وفسر أيضا بالسيف والقوس ونحوه. وفي رواية: لا يدخل مكة سلاحا إلا في القراب، وفي لفظ: ولا يحمل سلاحا إلا سيوفا.
9962 حدثنا عبيد الله بن موساى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء رضي الله تعالى عنه قال اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام فلما كتبوا الكتاب كتبوا هاذا ما قاضاى عليه محمد رسول الله، صلى الله عليه وسلم فقالوا لا نقر بها فلو نعلم أنك رسول الله ما منعناك لاكن أنت محمد بن عبد الله قال أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله ثم قال لعلي امح رسول الله قال لا والله لا أمحوك أبدا فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب هاذا ما قاضاى عليه محمد بن عبد الله لا يدخل مكة سلاح إلا في القراب وأن لا يخرج من أهلها بأحد إن أراد أن يتبعه وأن لا يمنع أحدا من أصحابه أراد أن يقيم بها فلما دخلها ومضاى الأجل أتوا عليا فقالوا قل لصاحبك اخرج عنا فقد مضاى الأجل فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة يا عم يا عم فتناولها علي فأخذ بيدها وقال لفاطمة عليها السلام دونك ابنة عمك حملتها فاختصم فيها علي وزيد وجعفر فقال علي أنا أحق بها وهي ابنة عمي وقال جعفر ابنة عمي وخالتها تحتي وقال زيد ابنة أخي فقضاى بها النبي صلى الله عليه وسلم لخالتها وقال الخالة بمنزلة الأم وقال لعلي أنت مني وأنا منك وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي. وقال لزيد أنت أخونا ومولانا.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة، ولفظ المقاضاة يدل عليها، وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، يروي عن جده. والحديث أخرجه الترمذي أيضا.
قوله: (في ذي القعدة)، بكسر القاف وسكون العين. قوله: (أن يدعوه)، أي: أن يتركوه. قوله: (حتى قاضاهم)، معنى قاضى، فاصل، وأمضى أمرهما عليه، وهو بمعنى صالح، ومنه: قضى القاضي إذا فصل الحكم وأمضاه. قوله: (هذا)، إشارة إلى ما في الذهن، مبتدأ وخبره قوله: ما قاضى، ومقوله: (لا نقربها)، قوله: أي بالرسالة. قوله: (فلو نعلم)، إعلم أن لو للماضي، وإنما عدل هنا إلى المضارع ليدل على الاستمرار، أي: استمر عدم علمنا برسالتك، كما في قوله تعالى، قوله: * (لو يطيعكم في كثير من الأمر لعنتم) * (الحجرات: 7). قوله: (فأخذ رسول الله، صلى الله عليه وسلم الكتاب فكتب)، أي: أمر عليا، رضي الله تعالى عنه، فكتب، كقولك: ضرب الأمير، أي: أمر به. وقال الشيخ أبو الحسن: ما رأيت هذا اللفظ: فكتب، إلا في هذا الموضع، وقيل: إنه مختص بهذا الموضع، وقيل: إنه كالرسم، لأن بعض من لا يكتب يرسم اسمه بيده لتكراره عليه، وقيل: وكتب، وأما قوله: * (وما كنت تتلو
(٢٧٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 ... » »»