عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٩٣
وقال مجاهد وأبو مجلز وغير واحد: إذا دعيت لتشهد فأنت بالخيار، وإذا شهدت فدعيت فأجب. قوله: * (ولا تساموا) * (البقرة: 282). أي: ولا تضجروا * (أن تكتبوه صغيرا أو كبيرا) * أي: قليلا كان المال أو كثيرا. قوله * (إلى أجله) * أي إلى وقته قوله: * (ذلكم) * (البقرة: 282). إشارة إلى أن تكتبوه، لأنه في معنى المصدر أي: ذلكم الكتب. قوله: * (أقسط) * (البقرة: 282). أي: أعدل * (وأقوم للشهادة) * (البقرة: 282). أي: أعون على إقامة الشهادة. قوله: * (وأدنى أن لا ترتابوا) * (البقرة: 282). أي: أقرب من انتفاء الريب في مبلغ الحق والأجل. قوله: * (إلا أن تكون تجارة) * (البقرة: 282). استثناء من الاستشهاد والكتابة و * (تجارة حاضرة) * (البقرة: 282). بالرفع على أن: كان، التامة. وقيل: هي الناقصة على أن الاسم: تجارة حاضرة، والخبر: (تديرونها) وقرئ بالنصب على أن تكون التجارة تجارة حاضرة، ومعنى: حاضرة يدا بيد تديرونها بينكم، وليس فيها أجل، ولا نسيئة. وأباح الله ترك الكتابة فيها لعدم الخوف فيه من التأجيل. قوله: * (جناح) * (البقرة: 282). أي: حرج. قوله: * (وأشهدوا إذا تبايعتم) * (البقرة: 282). إذا كان فيه أجل أو لم يكن فأشهدوا على حقكم على كل حال، وروي عن جابر بن زيد ومجاهد وعطاء والضحاك نحو ذلك. وقال الشعبي والحسن: هذا الأمر منسوخ بقوله: * (فإن أمن بعضكم بعضا) * (البقرة: 382). وهذا الأمر محمول عند الجمهور على الإرشاد والندب لا على الوجوب. قوله: * (ولا يضار كاتب) * (البقرة: 282). وهو أن يزيد أو ينقص أو يحرف أو يشهد بما لم يستشهد، أو يمتنع عن إقامة الشهادة، وقيل: أن يمتنع الكاتب أن يكتب والشاهد أن يشهد، وقيل: أن يدعوهما وهما مشغولان، وقيل: أن يدعى الكاتب أن يكتب الباطل والشاهد أن يشهد بالزور. قوله: * (وإن تفعلوا) * (البقرة: 282). يعني: ما نهيتم عنه. قوله: * (فإنه فسوق بكم) * (البقرة: 282). أي: خروج عن الأمر. قوله: * (واتقوا الله) * (البقرة: 282). أي: خافوه وراقبوه واتبعوا أمره واتركوا زواجره. قوله: * (ويعلمكم الله) * (البقرة: 282). أي: بشرائع دينه * (والله بكل شيء عليم) * (البقرة: 282). أي: عالم بحقائق الأمور ومصالحها وعواقبها ولا يخفى عليه شيء من الأشياء، بل علمه محيط بجميع الكائنات. قوله: (وقول الله عز وجل)، بالجر عطف على قوله: لقول الله تعالى. قوله: * (يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط) * (النساء: 531). الآية في سورة النساء، قوله: * (بالقسط) * (النساء: 531). أي: بالعدل، فلا تعدلوا عنه يمينا ولا شمالا وأن لا يأخذكم في الحق لومة لائم. قوله: * (شهداء لله) * (النساء: 531). تقيمون شهاداتكم لوجه الله كما أمرتم بإقامتها. قوله: * (ولو على أنفسكم) * (النساء: 531). أي: ولو كانت الشهادة على أنفسكم، أي: إشهد بالحق ولو عاد ضررك عليك، إذا سئلت عن الأمر قل الحق فيه، وإن كانت مضرة عليك، فإن الله سبحانه سيجعل لمن أطاعه فرجا ومخرجا من كل أمر يضيق عليه، وقيل: معنى الشهادة على نفسه هي الإقرار على نفسه، لأنه في معنى الشهادة عليها بإلزام الحق لها. قوله: * (أو الوالدين والأقربين) * (النساء: 531). أي: وإن كانت الشهادة عليهم فلا تراعوهم، بل اشهدوا بالحق وإن عاد ضررها عليهم، فالحق حاكم عليهم وعلى كل أحد. قوله: * (وإن يكن غنيا) * أي: إن يكن المشهود عليه غنيا لا ترعوه لغناه أو يكن فقيرا لا تشفقوا عليه لفقره، فالله أولى بهما منكم وأعلم بما فيه صلاحهما. قوله: * (فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا) * (النساء: 531). أي: كراهة أن تعدلوا، أو إرادة أن تعدلوا، على اعتبار العدل والعدول. قوله: * (وإن تلووا) * من اللي، وهو التحريف وتعمد الكذب أي: وإن تلووا ألسنتكم عن شهادة الحق أو تعرضوا عن الشهادة بما عندكم وتمنعوها فإن الله كان بما تعملون خبيرا بمجازاتكم عليه.
2 ((باب إذا عدل رجل أحدا فقال لا نعلم إلا خيرا أو قال ما علمت إلا خيرا)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا عدل رجل أحدا، وقوله: أحدا، هو الكشميهني رواية، وفي رواية غيره: إذا عدل رجل رجلا، وعدل، بتشديد الدال: من التعديل. قوله: فقال: أي: المعدل، لا نعلم إلا خيرا أو: ما علمت إلا خيرا، ولم يذكر جواب إذا الذي هو حكم المسألة لأجل الخلاف، وروى الطحاوي عن أبي يوسف أنه إذا قال ذلك قبلت شهادته، ولم يذكر خلافا عن الكوفيين في ذلك، واحتجوا بحديث الإفك على ما يأتي حديث الإفك، وعن محمد: لا بد أن يقول المعدل هو عدل جائز الشهادة، والأصح أنه يكتفي بقوله هو عدل، وذكر ابن التين عن ابن عمر أنه كان إذا أنعم مدح الرجل، قال: ما علمنا إلا خيرا، وروى ابن القاسم عن مالك أنه أنكر أن يكون قوله: لا أعلم إلا خيرا، تزكية، وقال: لا يكون تزكية حتى يقول رضا، وأراه عدلا رضا. وذكر المزني عن الشافعي، قال: لا تقبل في التعديل إلا أن يقول: عدل علي ولي، ثم لا يقبله حتى يسأله عن معرفته، فإن كان يعرف حاله الباطنة يقبل، وإلا لم يقبل ذلك، وفي (التوضيح): والأصح عندنا يعني الشافعية أنه يكفي أن يقول: هو عدل، ولا يشترط: علي ولي.
(١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 ... » »»