عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٦٦
ما يصلح للمذكر والمؤنث، والمراد بالكراهة ما هو أعم من التحريم والتنزيه، وهدية ما لا يجوز لبسه جائزة، فإن لصاحبها التصرف فيها بالبيع والهبة لمن يجوز لباسه كالنساء.
2162 حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما قال رأى عمر بن الخطاب حلة سيراء عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريتها فلبستها يوم الجمعة وللوفد قال إنما يلبسها من لا خلاق له في الآخرة ثم جاءت حلل فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر منها حلة وقال أكسوتنيها وقلت في حلة عطارد ما قلت فقال إني لم أكسكها فكسا عمر أخا له بمكة مشركا.
.
مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم أهدى تلك الحلة إلى عمر، مع أنه يكره لبسها. والحديث قد مر في كتاب الجمعة في: باب يلبس أحسن ما يجد، والحلة من برود اليمن، وأنها لا تكون إلا من ثوبين: إزار ورداء، والوفد: هم القوم يجتمعون ويردون البلاد، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاد وانتجاع وغير ذلك، وهو جمع: وافد، تقول: وفد يفد فهو وافد، وأنا أوفدته فوفد. قوله: (عطارد)، منصرف وهو علم رجل تميمي يبيع الحلل. قوله: (أخا له) أي: لعمر، رضي الله تعالى عنه، هو أخوه من أمه، وقيل: من الرضاعة.
3162 حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن نافع عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة بنته فلم يدخل عليها وجاء علي فذكرت له ذالك فذكره للنبي صلى الله عليه وسلم قال إني رأيت على بابها سترا موشيا فقال ما لي وللدنيا فأتاها علي فذكر ذالك لها فقالت ليأمرني فيه بما شاء قال ترسل به إلى فلان أهل بيت بهم حاجة.
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه أمره صلى الله عليه وسلم فاطمة بإرسال ذلك الستر الموشى أي: المخطط إلى آل فلان.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: محمد بن جعفر بن أبي الحسين أبو جعفر الحافظ الكوفي، نزل فيد، بفتح الفاء وسكون الياء آخر الحروف وفي آخره دال مهملة: وهو بلد بين بغداد ومكة في نصف الطريق سواء، ونسب إليها، وقيل له: الفيدي، ذكره اللالكائي وابن عدي وابن عساكر في شيوخ البخاري. الثاني: محمد بن فضيل بن غزوان. الثالث: أبوه فضيل بن غزوان بن جرير أبو الفضل الضبي الكوفي. الرابع: نافع مولى ابن عمر. الخامس: عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنه.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: أن شيخه من أفراده. وفيه: أن فضيل بن غزوان ليس له عن نافع عن ابن عمر في البخاري سوى هذا الحديث.
والحديث أخرجه أبو داود أيضا في اللباس عن واصل بن عبد الأعلى عن ابن فضيل به، وعن عثمان بن أبي شيبة عن عبد الله بن نمير عنه نحوه.
قوله: (أتى بيت فاطمة)، ويروى: أتى بنته فاطمة فلم يدخل عليها، وفي رواية أبي داود: وقل ما كان يدخل إلا بإذنها. قوله: (موشيا) أصله موشوي فاجتمعت الواو والياء وسبقت إحداهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء وكسرت الشين لأجل الياء، فصار نحو مرضي ونحوه. قوله: (فذكرت له ذلك)، هذا قول فاطمة أي: ذكرت مجيء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، إلى بيتها وعدم دخوله فيه، وفي رواية ابن نمير، عن ابن فضيل: فجاء علي فرآها مهتمة. قوله: (فذكره للنبي، صلى الله عليه وسلم)، أي: فذكر ذلك علي للنبي، صلى الله عليه وسلم، كذا في رواية الأصيلي، وفي رواية ابن نمير عن فضيل، فقال: يا رسول الله! اشتد عليها أنك جئت فلم تدخل عليها. قوله: (فقال مالي وللدنيا) وفي رواية ابن نمير عن فضيل: ما لي وللرقم، أي: المرقوم، والرقم النقش. قوله: (فقالت) أي: فاطمة. قوله: (فيه)، أي: في الستر الموشى. قوله: (قال)،
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 ... » »»