عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٧١
ابن أعبا بن الحارث بن معاوية، ينسب إلى كندة، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم أرسل إليه خالد بن الوليد، رضي الله تعالى عنه، في سرية فأسره، وقتل أخاه حسان، وقدم به إلى المدينة فصالحه النبي، صلى الله عليه وسلم، على الجزية وأطلقه. وقال الكرماني: واختلفوا في إسلامه، قال في (الجامع): ذكر البلاذري: أنه لما قدم على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أسلم وعاد إلى قومه، فلما توفى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ارتد فلما سار خالد من العراق إلى الشام قتله، وكان أكيدر ملك ومة، بضم الدال عند اللغوي، وفتحها عند الحديثي، و: الواو، ساكنة، وهي مدينة بقرب تبوك بها نخل وزرع، ولها حصن عادي على عشر مراحل من المدينة وثمان من دمشق، ويسمى: دومة الجندل، والجندل: الحجارة، والدومة: مستدار الشيء ومجتمعه، كأنها سميت به لأن مكانها مجتمع الأججار ومستدارها. وروى أبو يعلى بإسناد قوي من حديث قيس بن النعمان، أنه: لما قدم أخرج قباء من ديباج منسوجا بالذهب، فرده النبي، صلى الله عليه وسلم، ثم إنه وجد في نفسه من رد هديته، فرجع به، فقال له النبي، صلى الله عليه وسلم: (إدفعه إلى عمر، رضي الله تعالى عنه...) الحديث وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه عن مسلم عند مسلم: (أن أكيدر دومة أهدى للنبي، صلى الله عليه وسلم، ثوب حرير، فأعطاه عليا، فقال: شققه خمرا بين الفواطم). وقد ذكرنا الفواطم في الباب الذي قبل هذا الباب.
7162 حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب قال حدثنا خالد بن الحارث قال حدثنا شعبة عن هشام بن زيد عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أن يهودية أتت النبي صلى الله عليه وسلم مسمومة فأكل منها فجيء بها فقيل ألا نقتلها فما زلت أعرفها في لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مطابقته للترجمة من حيث إنه صلى الله عليه وسلم قبل هدية تلك اليهودية، وأكله منها يدل على قبوله إياها، وعبد الله بن عبد الوهاب أبو محمد الحجبي البصري مات في سنة ثمان وعشرين ومائتين وهو من أفراده، وخالد بن الحارث بن سليم الهجيمي البصري وهشام بن زيد بن أنس بن مالك.
والحديث أخرجه مسلم في الطب عن يحيى بن حبيب، وعن هارون الجمال، وأخرجه أبو داود في الديات عن يحيى بن حبيب.
قوله: (يهودية)، اسمها زينب، واختلف في إسلامها. قوله: (في لهوات)، جمع: لهات، بفتح اللام، قال الجوهري: اللهاة الهنة المطبقة في أقصى سقف الحلق، والجمع اللها، واللهوات واللهياة، وقال عياض: هي اللحمة التي بأعلى الحنجرة من أقصى الفم، وقال الداودي: لهواته، ما يبدو من فيه عند التبسم، وفي (المغرب) اللهاة: لحمة مشرفة على الحلق.
وفي الحديث دلالة على أكل طعام من يحل أكل طعامه، دون أن يسأل عن أصله. وفيه: حمل الأمور على السلامة حتى يقوم دليل على غيرها، وكذلك حكم ما بيع في سوق المسلمين، وهو محمول على السلامة حتى يتبين خلافها.
8162 حدثنا أبو النعمان قال حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي عثمان عن عبد الرحمان ابن أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم طعام فإذا مع رجل صاع من طعام أو نحوه فعجن ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغنم يسوقها فقال النبي صلى الله عليه وسلم بيعا أم عطية أو قال هبة قال لا بل بيع فاشترى منه شاة فصنعت وأمر النبي صلى الله عليه وسلم البطن أن يشوى وايم الله ما في الثلاثين والمائة إلا قد حز بسواد النبي صلى الله عليه وسلم له حزة من سواد بطنها إن كان شاهدا أعطاها إياه وإن كان غائبا خبأ له فجعل منها قصعتين فأكلوا أجمعون وشبعنا ففضلت القصعتان فحملناه على البعير أو كما قال.
.
مطابقته للترجمة في قوله أم عطية، والعطية تطلق على الهدية وعلى الهبة، ولهذا قال: أم هبة. وفيه: دلالة على جواز قبول هدية المشرك، لأنه لو لم يجز لما قال صلى الله عليه وسلم: أم عطية وأبو النعمان، محمد بن الفضل السدوسي البصري، والمعتمر بن سليمان بن طرخان التيمي البصري، يروي عن أبيه، وأبو عثمان هو عبد الرحمن بن مل النهدي بالنون الكوفي، سكن
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»