عمدة القاري - العيني - ج ١٣ - الصفحة ١٦١
عن ابن كعب بن مالك، قال الكرماني: يحتمل أن يكون ابن كعب هذا عبد الرحمن أو عبد الله، لأن الزهري يروي عنهما جميعا، لكن الظاهر أنه عبد الله لأنه يروي عن جابر، وهذا المعلق وصله الذهلي في الزهريات عن عبد الله بن صالح عن الليث... إلى آخره. قوله: (ثمر حائطي)، قد مر تفسيره آنفا. قوله: (ويحللوا أبي)، أي: يجعلوه في حل بإبرائهم ذمته. قوله: (فأبوا)، أي: امتنعوا. قوله: (ولم يكسره)، أي: لم يكسر الثمر من النخل لهم، أي: لم يعين ولم يقسم عليهم. قوله: (حين أصبح)، ويروى: حتى أصبح، والأول أوجه. قوله: (فجددتها)، أي: قطعتها. قوله: (بذلك)، أي: بقضاء الحقوق وبقاء الزيادة وظهور بركة دعاء رسول الله، صلى الله عليه وسلم، حتى كأنه علم من أعلام النبوة معجزة من معجزاته. قوله: (إلا ويكون) بتخفيف اللام ويروى بتشديدها، ومقصود رسول الله، صلى الله عليه وسلم تأكيد علم عمر، رضي الله تعالى عنه، وتقويته وضم حجة أخرى إلى الحجج السالفة.
22 ((باب هبة الواحد للجماعة)) أي: هذا باب في بيان حكم هبة الواحد للجماعة، وحكمه أنها تجوز على اختياره، وقال ابن بطال: غرض المصنف إثبات هبة المشاع، وهو قول الجمهور، خلافا لأبي حنيفة. قلت: إطلاق نسبة عدم جواز هبة المشاع إلى أبي حنيفة غير صحيح، فإنهم ينقلون شيئا من مذهبه من غير تحرير ولا وقوف على مدركه، ثم ينسبونه إليه فهذه جرأة وعدم إنصاف، والمشاع الذي لا يجوز هبته فيما إذا كان مما يقسم، وأما فيما لا يقسم فهي جائزة، وأيضا العبرة في الشيوع وقت القبض لا وقت العقد. حتى لو وهب مشاعا وسلم مقسوما يجوز.
وقالت أسماء للقاسم بن محمد وابن عتيق ورثت عن أختي عائشة مالا بالغابة وقد أعطاني به معاوية مائة ألف فهو لكما أورد البخاري هذا الأثر المعلق في معرض الاحتجاج على رد ما ذهب إليه أبو حنيفة في عدم تجويزه لهبة المشاع، كما أشار إليه ابن بطال، ولكن لا يساعده هذا، فإن المال الذي كان بالغا به يحتمل أن يكون مما يقسم، ويحتمل أن يكون مما لا يقسم، وعلى كلا التقديرين لا يرد عليه لأنه إن كان مما يقسم فلا نزاع أنه يجوزه، وإن كان مما لا يقسم فالعبرة للشيوع المانع وقت القبض لا وقت العقد، كما ذكرناه الآن. قوله: (قالت أسماء)، هي بنت أبي بكر الصديق أخت عائشة، رضي الله تعالى عنها، والقاسم: هو ابن محمد بن أبي بكر الصديق، وقال ابن التين في كتابه: القاسم بن محمد بن أبي عتيق، قال: وأظن الواو سقطت من كتابي، لأن أبا عتيق هو عبد الرحمن بن أبي بكر، وابنه اسمه عبد الله. قال: وعند أبي ذر، وابن أبي عتيق، وقال الداودي: القاسم بن محمد هو ابن أخي عائشة وابن أبي عتيق ابن أخيهما. قلت: القاسم بن محمد بن أبي بكر هو ابن أخي أسماء، وابن أبي عتيق هو أبو بكر عبد الله بن أبي عتيق محمد بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وهو ابن أخي أسماء. قوله: (ورثت عن أختي عائشة)، ماتت عائشة وورثتها أختاها: أسماء وأم كلثوم، وأولاد أخيها عبد الرحمن، ولم يرثها أولاد محمد أخيها لأنه لم يكن شقيقها، فكأن أسماء أرادت جبر خاطر القاسم بذلك، وأشركت معه عبد الله لأنه لم يكن وارثا لوجود أبيه. قوله: (بالغابة)، بالغين المعجمة، وهي في الأصل: الأجمة ذات الشجر المتكاثف لأنها تغيب ما فيها، ولكن المراد بها هنا موضع قريب من المدينة من عواليها، وبها أموال أهلها. قوله: (معاوية)، هو ابن أبي سفيان قوله: (لكما)، خطاب للقاسم وعبد الله بن أبي عتيق، وهذه صورة هبة الواحد من اثنين، فإن قلت: الترجمة هبة الواحد للجماعة فلا مطابقة. قلت: يغتفر هذا المقدار لأن الجمع يطلق على الاثنين كما عرف.
2062 حدثنا يحيى بن قزعة قال حدثنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بشراب فشرب وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ فقال للغلام إن أذنت لي أعطيت هؤلاء فقال ما كنت لأوثر بنصيبي منك يا رسول الله أحدا فتله في يده.
.
(١٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 ... » »»