عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢٣٣
الحميدي في ذلك، وذكر الحافظ المزي: أنه عبد الله، وقال صاحب (التلويح): ولم يستدل على ذلك، وتبعه صاحب (التوضيح) في ذلك. قلت: بل استدل بأن وهبا روى الحديث عن يونس بسند الباب، فسماه عبد الله، وكذلك في رواية الإسماعيلي. السادس: جابر بن عبد الله.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع، وبصيغة الإفراد في موضع. وفيه: الإخبار بصيغة الجمع في موضعين، وفي موضع بصيغة الإفراد.
وفيه: أن شيخه وشيخ شيخه مروزيان وأن يونس أيلي وابن كعب مدني. وفيه: رواية التابعي عن التابعي.
قوله: (فاشتد الغرماء)، يعني: في الطلب. قوله: (ويحللوا أبي)، يعني: يجعلونه في حل ويبرؤنه عن الدين. قوله: (فأبوا)، أي: امتنعوا عن أخذ ثمر الحائط، لأنه كان أقل من الدين. قوله: (فجددتها)، من الجداد، بالمهملتين، وهو صرام النخل، وهو قطع تمرتها، يقال: جد التمرة يجدها جدا. قوله: (من ثمرها...) أي: من ثمر النخل.
وفيه من الفوائد: تأخير الغريم إلى الغد ونحوه بالعذر، كما أخر جابر غرماءه رجاء بركة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان وعده أن يمشي معه، فحقق الله رجاءه وظهرت بركته، صلى الله عليه وسلم، وثبت ما هو من أعلام نبوته. وفيه: مشي الإمام في حوائج الناس لأجل استشفاعه في الديون.
9 ((باب إذا قاص أو جازفه في الدين تمرا بتمر أو غيره)) أي: هذا باب يذكر فيه: إذا قاص، بتشديد الصاد، من: المقاصصة. وهي أن يقاص كل واحد من الاثنين أو أكثر صاحبه فيما هم فيه من الأمر الذي بينهم، وههنا المقاصصة في الدين. قوله: (أو جازفه) من المجازفة، وهي الحدس بلا كيل ولا وزن. قوله: (في الدين)، يرجع إلى كل واحد من قوله: قاص، وقوله: أو جازفه، والضمير في: قاص، يرجع إلى المديون بدلالة القرينة عليه، وكذلك الضمير المرفوع في: جازفه، يرجع إليه. وأما الضمير المنصوب فيرجع إلى صاحب الدين. قوله: (تمرا بتمر أو غيره)، أي: سواء كانت المقاصصة أو المجازفة تمرا بتمر أو غير التمر، نحو: قمح بقمح أو شعير بشعير، ونحو ذلك، وجواب: إذا، محذوف تقديره: فهو جائز..
6932 حدثنا إبراهيم بن المنذر قال حدثنا أنس عن هشام عن وهب بن كيسان عن جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أنه أخبره أن أباه توفي وترك عليه ثلاثين وسقا لرجل من اليهود فاستتنظره جابر فأبى أن ينظره فكلم جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشفع له إليه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلم اليهودي لياخذ ثمر نخله بالذي له فأبى فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل فمشى فيها ثم قال لجابر جد له فأوف له الذي له فجده بعدما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأوفاه ثلاثين وسقا وفضلت له سبعة عشر وسقا فجاء جابر رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بالذي كان فوجده يصلي العصر فلما انصرف أخبره بالفضل فقال أخبر ذلك ابن الخطاب فذهب جابر إلى عمر فأخبره فقال له عمر لقد علمت حين مشى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليباركن فيها..
قال المهلب: لا يجوز عند أحد من العلماء أن يأخذ من له دين تمر من غريمه تمرا مجازفة بدين، لما فيه من الجهل والغرر، وإنما يجوز أن يأخذ مجازف في حقه أقل من دينه إذا علم الآخذ ذلك ورضي. انتهى. قلت: غرضه من ذلك إظهار عدم صحة هذه الترجمة. وأجيب: عن هذا بأن مقصود البخاري أن الوفاء يجوز فيه ما لا يجوز في المعاوضات، فإن: معاوضة الرطب بالتمر لا يجوز إلا في العرايا، وقد جوزه صلى الله عليه وسلم في الوفاء المحض.
وأنس هو ابن عياض، يكنى أبا ضمرة من أهل المدينة، وهشام هو ابن عروة بن الزبير، ووهب بن كيسان أبو نعيم مولى عبد الله بن الزبير بن العوام المدني.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في الصلح عن بندار،
(٢٣٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 ... » »»