عمدة القاري - العيني - ج ١٢ - الصفحة ٢٢٨
8832 حدثنا أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب عن الأعمش عن زيد بن وهب عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما أبصر يعني أحدا قال ما أحب أنه تحول لي ذهبا يمكث عندي منه دينار فوق ثلاث إلا دينارا أرصده لدين ثم قل إن الأكثرين هم الأقلون إلا من قال بالمال هاكذا وهاكذا وأشار أبو شهاب بين يديه وعن يمينه وعن شماله وقليل ما هم وقال مكانك وتقدم غير بعيد فسمعت صوتا فأردت أن آتيه ثم ذكرت قوله مكانك حتى آتيك فلما جاء قلت يا رسول الله الذي سمعت أو قال الصوت الذي سمعت قال وهل سمعت قلت نعم قال أتاني جبريل عليه السلام فقال من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت وإن فعل كذا وكذا قال نعم..
مطابقته للترجمة من حيث إن فيه ما يدل على الاهتمام بأداء الدين، وهو قوله: إلا دينارا أرصده لدين، وفيه ما يدل على شدة أمر الدين، والمديون إذا نوى أداءه يرزقه الله تعالى ما يؤديه منه.
ذكر رجاله وهم خمسة: الأول: أحمد بن يوسن، هو أحمد بن عبد الله بن يونس بن عبد الله أبو عبد الله التميمي اليربوعي. الثاني: أبو شهاب، واسمه: عبد ربه الحناط، بالحاء المهملة والنون المشهور: بالأصغر. الثالث: سليمان الأعمش. الرابع: زيد بن وهب أبو سليمان الهمداني الجهني. الخامس: أبو ذر، واسمه: جندب بن جنادة في الأشهر.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في ثلاثة مواضع. وفيه: القول في موضع. وفيه: أن شيخه مذكور باسم جده، وأنه والأعمش وزيد بن وهب كوفيون، وأن أبا شهاب مدائني. وفيه: رواية التابعي عن التابعي عن الصحابي. وفيه: راو مذكور بكنيته وآخر بلقبه.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الاستئذان عن عمر بن حفص، وفي الرفاق عن حسن بن الربيع، وفيه عن قتيبة، وفي بدء الخلق عن محمد بن بشار. وأخرجه مسلم في الزكاة عن قتيبة به وعن يحيى بن يحيى ومحمد بن عبد الله وأبي بكر وأبي كريب. وأخرجه الترمذي في الإيمان عن محمود بن غيلان. وأخرجه النسائي في اليوم والليلة عن عبدة بن عبد الرحيم، وعن بشر بن خالد وعن يعقوب بن إبراهيم وعن الحسين بن منصور، وعن عمران بن بطال، وعن أبي قدامة عن معاذ بن هشام.
ذكر معناه: قوله: (إنه) أي: أن أحدا. قوله: (تحول) بفتح التاء المثناء من فوق على وزن: تفعل، في رواية أبي ذر، هكذا وفي رواية غيره، بضم التاء آخر الحروف على صيغة المجهول، من باب التفعيل. ومعنى تحول: صار، فيستدعي إسما مرفوعا وخبرا منصوبا، فالاسم هو الضمير في تحول الذي يرجع إلى أحدا. والخبر هو قوله: (ذهبا). قوله: (يمكث)، فعل وفاعله هو قوله: (دينار) أي: دينار واحد، وهو جملة في محل النصب، لأنها صفة لقوله: (ذهبا). قوله: (منه) أي: من الذهب. قوله: (فوق ثلاث)، أي: فوق ثلاث ليال، وهي ظرف، والعامل فيه يمكث. قوله: (إلا دينارا)، مستثنى مما قبله. قوله: (أرصده)، جملة في محل النصب لأنها صفة لقوله دينارا، وأرصده، بضم الهمزة، من الإرصاد يقال: أرصدته أي: هيأته وأعددته، وحكى ابن التين أنه روى أرصده، بفتح الهمزة من قولك: رصدته، أي: رقبته. وقال ابن قرقول: قوله: (إلا دينارا أرصده) أي: أعده، بضم الهمزة وفتحها ثلاثي ورباعي، يقال: أرصدته ورصدته أرصده بالخير والشر: أعددته له. وقيل: رصدته ترقبته، وأرصدته أعددته. قال الله تعالى: * (وأرصادا لمن حارب الله) * (التوبة: 701). وقال تعالى: * (شهابا رصدا) * (الجن: 9). ومنه: من يرصد لي عير قريش، والرصد الطلب. قوله: (إن الأكثرين هم الأقلون) أي: أن الأكثرين مالا هو الأقلون ثوابا. قوله: (إلا من قال بالمال هكذا وهكذا)، معناه: إلا من صرف المال على الناس يمينا وشمالا، وأماما. وقال هنا: ليس من القول، بمعنى الكلام، بل معناه: صرف أو فرق أو أعطى، ونحو
(٢٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 ... » »»