عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٥٥
بعضهم يريد به الزيادة في المعنى، لأن في قوله: (حتى يقبضه) زيادة في المعنى على قوله: (حتى يستوفيه)، لأنه قد يستوفيه بالكيل، بأن يكيله البائع ولا يقبضه المشتري، بل يحبسه عنده لينقده الثمن مثلا، انتهى. قلت: الأمر الذي ذكره بالعكس، لأن لفظ الاستيفاء يشعر بأن له زيادة في المعنى على لفظ الإقباض من حيث إنه إذا أقبض بعضه وحبس بعضه لأجل الثمن يطلق عليه معنى الإقباض في الجملة، ولا يقال له: استوفاه حتى يقبض الكل، بل المراد بهذه الزيادة زيادة رواية أخرى، وهو: يقبضه، لأن الرواية المشهورة: حتى يستوفيه.
65 ((باب من رأى إذا اشترى طعاما جزافا أن لا يبيعه حتى يؤويه إلى رحله والأدب في ذلك)) أي: هذا باب في بيان من إذا اشترى طعاما جزافا إلى آخره. قوله: (جزافا)، قد مر تفسيره عن قريب، ويقال: هذا لفظ معرب عن كذا فقوله: (حتى يؤويه) من الإيواء، والمراد منه النقل والتحويل إلى المنزل، وثلاثية: أوى، يأوي وآويت غيري وآويته بالقصر أيضا. وأنكر بعضهم المقصور المتعدي. وقال الأزهري: هي اللغة الفصيحة. قوله: (إلى رحله)، أي: منزله. قوله: (والأدب)، بالجر أي: وفيه بيان الأدب، عطفا على قوله: (فيه بيان من اشترى). قوله: (في ذلك) أي: في ترك الإيواء، ومراده من يبيعه قبل أن يؤويه إلى رحله.
7312 حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن يونس عن ابن شهاب قال أخبرني سالم ابن عبد الله أن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما قال لقد رأيت الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتاعون جزافا يعني الطعام يضربون أن يبيعوه في مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم..
مطابقته للترجمة ظاهرة، وقد مضى هذا الحديث في: باب ما يذكر في بيع الطعام بالطعام، فإنه أخرجه هناك: عن إسحاق ابن إبراهيم عن الليث بن مسلم عن الأوزاعي عن الزهري عن سالم. وهنا أخرجه: عن يحيى بن بكير المخزومي المصري عن الليث بن سعد المصري عن يونس بن يزيد الأيلي عن محمد بن محمد بن شهاب الزهري عن سالم. قوله: (يبتاعون)، ويروى: (يتبايعون).
75 ((باب إذا اشترى متاعا أو دابة فوضعه عند البائع أو مات قبل أن يقبض)) أي: هذا باب يذكر فيه إذا اشترى شخص متاعا أو اشترى دابة فوضعه عند المتاع أي البائع، أو مات البائع قبل أن يقبض المبيع، وجواب: إذا، محذوف، ولم يذكره لمكان الاختلاف فيه. قال ابن بطال: اختلف العلماء في هلاك المبيع قبل القبض، فذهب أبو حنيفة والشافعي: إلى أن ضمانه إن تلف من البائع، وقال أحمد وإسحاق وأبو ثور: من المشتري، وأما مالك ففرق بين الثياب والحيوان، فقال: ما كان من الثياب والطعام فهلك قبل القبض فضمانه من البائع، وقال ابن القاسم: لأنه لا يعرف هلاكه ولا بينة عليه، وأما الدواب والحيوان والعقار فمصيبته من المشتري. وقال ابن حبيب: اختلف العلماء فيمن باع عبدا واحتبسه بالثمن وهلك في يده قبل أن يأتي المشتري بالثمن، فكان سعيد بن المسيب وربيعة والليث يقولون: هو من البائع، وأخذه ابن وهب وكان مالك قد أخذ به أيضا، وقال سليمان بن يسار: مصيبته من المشتري سواء حبسه البائع بالثمن أم لا، ورجع مالك إلى قول سليمان.
وقال ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من المبتاع أي: قال عبد الله بن عمر، رضي الله تعالى عنهما: كلمة ما، شرطية، فلذلك دخلت الفاء في جوابها. وهو قوله: (فهو من المبتاع) وإسناد الإدراك إلى الصفقة مجاز، أي: ما كان عند العقد غير ميت. قوله: (مجموعا) صفة لقوله: (حيا)، وأراد به: لم يتغير عن حالته. قوله: (من المبتاع)، أي: من المشتري، وهذا تعليق وصله الطحاوي والدارقطني من طريق الأوزاعي عن الزهري عن حمزة
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»