عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٥٨
مطابقته للجزء الأول للترجمة ظاهرة. وإسماعيل هو ابن أبي أويس.
والحديث أخرجه البخاري أيضا في البيوع عن عبد الله بن يوسف عن مالك فرقهما. وأخرجه مسلم فيه عن يحيى بن يحيى عن مالك به، وعن محمد بن حاتم وإسحاق ابن منصور في النهي عن تلقي السلع. وأخرجه أبو داود فيه عن القعنبي عن مالك. وأخرجه النسائي فيه عن قتيبة عن مالك، وأخرجه ابن ماجة في التجارات عن سويد بن سعيد. قوله: (لا يبيع)، كذا بإثبات الياء عند الأكثرين بصورة النفي، وفي رواية الكشميهني: (لا يبع)، بصيغة النهي. قوله: (على بيع أخيه)، وفي رواية عبد الله بن يوسف عن مالك بلفظ: (على بيع بعضه)، وتقييده بأخيه يدل عى أن ذلك يختص بالمسلم، وبه قال الأوزاعي وأبو عبيد بن جويرية من الشافعية، وأصرح من ذلك ما رواه مسلم من طريق العلاء عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ: (لا يسوم المسلم على المسلم)، وعند الجمهور: لا فرق في ذلك بين المسلم والكافر، وذكر الأخ خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له. وقام الإجماع على كراهة سوم الذمي على مثله، وإنما حرم بيع البعض على بعض لأنه يوغر الصدور ويورث الشحناء، ولهذا لو أذن له في ذلك ارتفع على الأصح.
0412 حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبة أخيه ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إنائها..
مطابقته للترجمة في قوله: (ولا يبيع الرجل على بيع أخيه). وعلي بن عبد الله هو ابن المديني، وسفيان هو ابن عيينة، والزهري هو محمد بن مسلم.
والحديث أخرجه مسلم في النكاح عن عمرو الناقد وزهير بن حرب وابن أبي عمر وفي البيوع عن أبي بكر بن أبي شيبة. وأخرجه أبو داود عن أبي الطاهر بن السرح في البيوع ببعضه: (لا تناجشوا)، وفي النكاح ببعضه: (لا يخطب أحدكم على خطبة أخيه). وأخرجه الترمذي عن قتيبة بن سعيد وأحمد بن منيع في البيوع ببعضه: (لا يبيع حاضر لباد)، وفي موضع آخر منه ببعضه: (لا تناجشوا) وفي النكاح ببعضه: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه ولا يبيع الرجل على بيع أخيه)، وفيه عن قتيبة وحده ببعضه: (لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفأ ما في إناثها). وأخرجه النسائي في النكاح عن محمد بن منصور وسعيد بن عبد الرحمن بتمامه، ولم يذكر السوم. وأخرجه ابن ماجة عن هشام بن عمار وسهل بن أبي سهل في النكاح ببعضه: (لا يخطب الرجل على خطبة أخيه) وفي التجارات ببعضه: (لا تناجشوا)، وفيه عن هشام بن عمار وحده ببعضه: (لا يبيع الرجل على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه). وفيه عن أبي بكر بن أبي شيبة ببعضه: (لا يبيع حاضر لباد).
ذكر معناه: قوله: (لباد)، البادي: هو الذي يكون في البادية مسكنه المضارب والخيام، وصورة البيع للبادي أن يقدم غريب من البادية بمتاع ليبيعه بسعر يومه، فيقول له بلدي: اتركه عندي لأبيعه لك على التدريج بأغلى منه، وهذا فعل حرام، لكن يصح بيعه لأن النهي راجع إلى أمر خارج عن نفس العقد. وقيل: أن لا يكون الحاضر سمسارا للبدوي، وحينئذ يصير أعم ويتناول البيع والشراء. قوله: (ولا تناجشوا)، هذا عطف على مقدر، لأنه لا يصح عطفه على قوله: (نهى)، ولا على قوله: (أن يبيع)، والتقدير: نهى وقال: لا تناجشوا، و: النجش، بفتح النون والجيم وفي آخره شين معجمة، وفي (المغرب): النجش بفتحتين، ويروى بسكون الجيم، ويقال: نجش ينجش نجشا من باب نصر ينصر، وفي (الزاهر): أصل النجش مدح الشيء وإطراؤه، وفي (الغريبين): النجش: تنفير الناس من الشيء إلى غيره. وفي (الجامع): أصله من الختل، يقال: نجش الرجل إذا ختل، ويقال: أصل النجش الإثارة، وسمي الناجش ناجشا لأنه يثير الرغبة في السلعة ويرفع ثمنها. قوله: (ولا يبيع الرجل على بيع أخيه)، قد فسرناه عن قريب. وقال ابن قرقول: يأتي كثير من الأحاديث على لفظ الخبر، وقد أتى بلفظ النهي وكلاهما صحيح، وقال ابن الأثير: كثير من روايات هذا الحديث: لا يبيع، بإثبات الياء والفعل غير مجزوم، وذلك لحن، وإن صحت الرواية فتكون: لا، نافية وقد أعطاها معنى النهي، لأنه إذا نفى هذا البيع فكأنه استمر عدمه، والمراد
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»