عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٤
أن يكون بجماع أو غيره ناسيا أو عامدا، ولكن المراد منه الإفطار في الأكل أو الشرب عامدا، وإما ناسيا فقد ذكره فيما مضى، وأما بالجماع فسيأتي بيان ذلك، إن شاء الله تعالى.
وبه قال ابن مسعود رضي الله تعالى عنه أي: وبما روي عن أبي هريرة قال ابن مسعود موقوفا عليه، وقد وصله البيهقي راويا من طريقين: أحدهما: من رواية المغيرة بن عبد الله اليشكري، قال: حدثت أن عبد الله بن مسعود قال: (من أفطر يوما من رمضان من غير علة لم يجزه صيام الدهر حتى يلقى الله عز وجل، فإن شاء غفر له، وإن شاء عذبه)، والمغيرة هذا من ثقات التابعين، أخرج له مسلم وذكره ابن حبان في الثقات، ولكنه منقطع فإنه قال: حدثت عنه. والطريق الثاني: من رواية أبي أسامة عن عبد الملك، قال: حدثنا أبو المغيرة الثقفي عن عرفجة، قال: قال عبد الله بن مسعود: (من أفطر يوما من رمضان متعمدا من غير علة، ثم قضى طول الدهر لم يقبل منه). قال البيهقي: عبد الملك هذا أظنه ابن حسين النخعي، ليس بالقوي. فإن قلت: كيف قال: وبه قال ابن مسعود وأبو هريرة رفعه، وابن مسعود وقفه، فكيف يكون ابن مسعود قائلا بما قال أبو هريرة؟ قلت: لم يثبت رفعه عند البخاري، فلذلك ذكره بصيغة التمريض، وروى عن أبي هريرة بطرق موقوفا، وقيل: فيه ثلاث علل الاضطراب لأنه اختلف على حبيب بن أبي ثابت اختلافا كثير. والجهالة بحال أبي المطوس والشك في سماع أبيه من أبي هريرة، وهذه الثالثة تختص بطريقة البخاري في اشتراط اللقاء.
وقال سعيد بن المسيب والشعبي وابن جبير وإبراهيم وقتادة وحماد يقضي يوما مكانه أي: قال هؤلاء فيمن أفطر في نهار رمضان عامدا أن عليه القضاء فقط بغير كفارة، وقال ابن بطال: نظرت أقوال التابعين الذين ذكرهم البخاري في هذا الباب في المصنفات فلم أر قولهم بسقوط الكفارة إلا في الفطر بالأكل لا المجامعة، فيحتمل أن يكون عندهم الأكل والجماع سواء في سقوط الكفارة، إذ كل ما أفسد الصيام من أكل أو شرب أو جماع فاسم الفطر يقع عليه، وفاعله مفطر بذلك من صيامه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي)، فدخل أعظم الشهوات وهي شهوة الجماع في ذلك. انتهى. قلت: حكي عن الشعبي والنخعي وسعيد بن جبير والزهري وابن سيرين أنه: لا كفارة على الواطىء في نهار رمضان، واعتبروه بقضائه. قال الزهري: هو خاص بذلك الرجل، يعني في رواية أبي هريرة: (جاء رجل إلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: هلكت..) الحديث على ما يأتي، وقال الخطابي: لم يحضر عليه برهان. وقال قوم: هو منسوخ ولم يقم دليل نسخه، وعند الجمهور: يجب عليه القضاء والكفارة لحديث أبي هريرة على ما نبينه، إن شاء الله تعالى، والذين ذكرهم البخاري ستة من التابعين، الأول: سعيد بن المسيب، فوصل أثره مسدد وغيره في قصة المجامع قال يقضي يوما مكانه ويستغفر الله تعالى. الثاني: عامر بن شراحيل الشعبي، فوصل أثره ابن أبي شيبة: حدثنا شريك عن مغيرة عن إبراهيم وعن أبي خالد عن الشعبي قالا: (يقضي يوما مكانه). الثالث: سعيد بن جبير، فوصل أثره ابن أبي شيبة أيضا: حدثنا عبدة عن سعيد عن يعلى بن حكيم (عن سعيد بن جبير في رجل أفطر يوما متعمدا، قال: يستغفر الله من ذلك ويتوب ويقضي يوما مكانه). الرابع: إبراهيم النخعي، فوصل أثره ابن أبي شيبة، وقد مر الآن مع الشعبي. الخامس: قتادة فوصل أثر عبد الرزاق عن معمر عن الحسن، وقتادة في قصة المجامع في رمضان. السادس: حماد بن أبي سليمان، أحد من أخذ عنه الإمام أبو حنيفة، رضي الله تعالى عنه، فوصله عبد الرزاق عن أبي حنيفة عنه.
5391 حدثنا عبد الله بن منير قال سمع يزيد بن هرون قال حدثنا يحيى هو ابن سعيد أن عبد الرحمان بن القاسم أخبره عن محمد بن جعفر بن الزبير بن العوام بن خويلد عن عباد ابن عبد الله بن الزبير قال أخبره أنه سمع عائشة رضي الله تعالى عنها تقول إن رجلا أتى النبي صلى الله
(٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 ... » »»