عمدة القاري - العيني - ج ١١ - الصفحة ٢٥
عليه وسلم فقال إنه احترق قال مالك قال أصبت أهلي في رمضان فأتي النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل يدعى العرق فقال أين المحترق قال أنا قال تصدق بهذا. (الحديث 5391 طرفه في: 2286).
مطابقته للترجمة في قوله: (أصبت أهلي في رمضان)، أراد أنه جامع في نهار رمضان.
ذكر رجاله وهم سبعة: الأول: عبد الله بن منير، بضم الميم وكسر النون: الزاهد أبو عبد الرحمن. الثاني: يزيد من الزيادة ابن هارون أبو خالد. الثالث: يحيى بن سعيد الأنصاري. الرابع: عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه. الخامس: محمد بن جعفر. السادس: عباد، بفتح العين وتشديد الباء الموحدة: ابن عبد الله بن الزبير، رضي الله تعالى عنه. السابع: أم المؤمنين عائشة، رضي الله تعالى عنها.
ذكر لطائف إسناده فيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: الأخبار بصيغة الإفراد في موضعين. وفيه: السماع في موضعين. وفيه: أن شيخه مروزي وأنه من أفراده وأن يزيد بن هارون واسطي والبقية مدنيون. وفيه: أربعة من التابعين في نسق واحد. ويحيى وعبد الرحمن تابعيان صغيران من طبقة واحدة وفوقهما قليلا محمد بن جعفر. وأما ابن عمه عباد فمن أوساط التابعين.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في المحاربين. وأخرجه مسلم في الصوم عن محمد بن رمح وعن محمد بن المثنى وعن أبي الطاهر. وأخرجه أبو داود فيه عن سليمان بن داود وعن محمد بن عوف. وأخرجه النسائي فيه عن الحارث بن مسكين وعن عيسى بن حماد وعن إسحاق بن إبراهيم وعن يحيى بن حبيب.
ذكر معناه قوله: (إن رجلا)، زعم ابن بشكوال أن هذا الرجل هو سلمة صخر البياضي فيما ذكره ابن أبي شيبة في (مسنده)، وعند ابن الجارود: سلمان بن صخر، وفي (جامع الترمذي): سلمة بن صخر، قال: حدثنا إسحاق بن منصور حدثنا هارون بن إسماعيل حدثنا علي بن المبارك حدثنا يحيى بن أبي كثير (حدثنا أبو سلمة: أن سلمة بن صخر البياضي جعل امرأته عليه كظهر أمه حتى يمضي رمضان، فلما مضى نصف رمضان وقع عليها ليلا، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: أعتق رقبة! قال: لا أجدها. قال: فصم شهرين متتابعين، قال لا أستطيع. قال: أطعم ستين مسكينا، قال: لا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفروة بن عمرو: أعطه ذلك العرق، وهو مكتل يأخذ خمسة عشر أو ستة عشر صاعا). وقال صاحب (التلويح) فهذا غير ما ذكره ابن بشكوال فينظر، والله أعلم. قلت: لا شك أنه غير لأن ابن بشكوال استند إلى ما أخرجه ابن أبي شيبة وغيره من طريق سلمان بن يسار عن سلمة بن صخر أنه ظاهر من امرأته في رمضان، وأنه وطأها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حرر رقبة. قلت: لا أملك رقبة غيرها، وضرب صفحة رقبته، قال: فصم شهرين متتابعين، قال: وهل أصبت الذي أصبت إلا من الصيام؟ قال: فأطعم ستين مسكينا. قال: والذي بعثك بالحق ما لنا طعام! قال: فانطلق إلى صاحب صدقة بني زريق فليدفعها إليك. انتهى. والظاهر أنهما واقعتان، فإن في قصة المجامع في حديث الباب أنه كان صائما. وفي قصة سلمة بن صخر أن ذلك كان ليلا، كما في رواية الترمذي المذكورة آنفا فافترقا، واجتماعهما في كونهما من بني بياضة، وفي صفة الكفارة وكونها مرتبة، وفي كون كل منهما كان لا يقدر على شيء من خصالها لا يستلزم اتحاد القصتين. والله أعلم. قوله: (إنه احترق)، وفي رواية أبي هريرة أنه عبر بقوله: (هلكت)، ورواية الاحتراق تفسر رواية الهلاك، وكأنه لما اعتقد أن مرتكب الإثم يعذب بالنار أطلق على نفسه أنه احترق لذلك، أو مراده أنه يحترق بالنار يوم القيامة، فجعل المتوقع كالواقع، واستعمل بدله لفظ الماضي أو شبه ما وقع فيه من الجماع في الصوم بالاحتراق، وفي رواية البيهقي: (جاءه رجل وهو ينتف شعره، ويدق صدره، ويقول: هلك الأبعد وأهلكت...) وفي رواية (وهو يدعو بالويل)، وفي رواية: (يلطم وجهه)، وفي رواية الحجاج بن أرطأة: (يدعو ويله)، وفي مرسل سعيد بن المسيب عند الدارقطني: (ويحثي على رأسه التراب). قوله: (قال: مالك؟) أي: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما شأنك وما جرى عليك؟ قوله: (أصبت أهلي في رمضان) كناية عن وطئها، وفي رواية الطحاوي: (وقعت على امرأتي في رمضان). قوله: (فأتي النبي صلى الله عليه وسلم) بضم الهمزة وكسر التاء على صيغة المجهول. قوله: (بمكتل)، بكسر الميم: الزنبيل الكبير، قيل: إنه يسع خمسة عشر صاعا، كان فيه كتلا من التمر أي: قطعا مجتمعة، ويجمع على: مكاتل. وقال القاضي: المكتل
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»