عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٤٥
الصدقة لغني)، وقال: المراد من قوله: (لغاز في سبيل الله)، هو الغازي الغني بقوة البدن، والقدرة على الكسب لا الغني بالنصاب الشرعي، بدليل حديث معاذ: وردها إلى فقرائهم.
ويذكر عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما يعتق من زكاة ماله ويعطي في الحج علق هذا عن ابن عباس ليشير أن شراء العبد وعتقه من مال الزكاة جائز، وهو مطابق للجزء الأول من الترجمة، وهذا التعليق رواه أبو بكر في (مصنفه): عن أبي جعفر عن الأعمش عن حسان عن مجاهد عن ابن عباس، رضي الله تعالى عنهما، أنه كان لا يرى بأسا أن يعطى الرجل من زكاته في الحج، وأن يعتق النسمة منها.
وفي (كتاب العلل) لعبد الله بن أحمد عن أبيه: حدثنا أبو بكر بن عياش حدثنا الأعمش عن ابن أبي نجيح عن مجاهد، قال ابن عباس: أعتق من زكاتك، وفي رواية أبي عبيد: أعتق من زكاة مالك. وقال الميموني: قيل لأبي عبد الله: يشترى الرجل من زكاة ماله الرقاب فيعتق ويجعل في ابن السبيل؟ قال: نعم، ابن عباس يقول ذلك، ولا أعلم شيئا يدفعه، وهو ظاهر الكتاب. قال الخلال في (علله): هذا قوله الأول، والعمل على ما بينه الجماعة في ضعف الحديث. أخبرنا أحمد بن هاشم الأنطاكي، قال: قال أحمد: كنت أرى أن يعتق من الزكاة، ثم كففت عن ذلك لأني لم أر إسنادا يصح. قال حرب: فاحتج عليه بحديث ابن عباس، فقال: هو مضطرب. انتهى. وبقول ابن عباس في عتق الرقبة من الزكاة قال الحسن البصري وعبد الله بن الحسن العنبري ومالك وإسحاق وأبو ثور. وفي (الجواهر) للمالكية: يشتري بها الإمام الرقاب فيعقتها عن المسلمين والولاء لجميعهم. وقال ابن وهب: هو في فكاك المكاتبين، ووافق الجماعة، ولو اشترى بزكاته رقبة فأعتقها ليكون ولاؤها له لا يجزيه عند ابن القاسم، خلافا لأشهب، ولا يجزي فك الأسير بها عند ابن القاسم خلافا لابن حبيب، ولا يدفع عند مالك والأوزاعي إلى مكاتب ولا إلى عبد موسرا كان سيده أو معسرا، ولا من الكفارات. وجه قول الجمهور ما رواه البراء بن عازب: (أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: دلني على عمل يقربني من الجنة ويباعدني من النار، فقال: أعتق النسمة، وفك الرقبة، قال: يا رسول الله أوليسا واحدا، قال: لا، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها، وفك الرقبة: أن تعين في ثمنها). رواه أحمد والدارقطني.
وقال الحسن إن اشترى أباه من الزكاة جاز ويعطي في المجاهدين والذي لم يحج ثم تلا إنما الصدقات للفقراء الآية في أيها أعطيت أجزأت مطابقته في الجزء الأخير من الترجمة، والحسن هو البصري، هذا التعليق روى بعضه أبو بكر بن أبي شيبة عن حفص عن أشعث بن سوار، قال: سئل الحسن عن رجل اشترى أباه من الزكاة فأعتقه. قال: اشترى خير الرقاب. قوله: (في أيها) أي: في مصرف من المصارف الثمانية أعطيت (أجزت) كذا في الأصل بغير همز أي: قضت. قال الكرماني: أعطيت، بلفظ المعروف والمجهول، وكذلك: أجزأت، من الإجزاء، وذكر ابن التين بلفظ: أجزت، بدون الهمزة، وقال: معناه قضت عنه وقيل: جزأ وأجزأ بمعنى، أي: قضى. ومن قول الحسن يعلم أن اللام في قوله: (للفقراء) لبيان المصرف لا للتمليك. فلو صرف الزكاة في صنف واحد كفى.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم إن خالدا احتبس أدراعه في سبيل الله هذا التعليق يأتي في هذا الباب موصولا، والإدراع جمع: درع، ويروى: أدرعه.
ويذكر عن أبي لاس حملنا النبي صلى الله عليه وسلم على إبل الصدقة للحج أبو لاس، بالسين المهملة: خزاعي، وقيل: حارثي يعد في المدنيين، اختلف في اسمه فقيل: زياد، وقيل: عبد الله بن عتمة، بعين مهملة مفتوحة بعدها نون مفتوحة، وقيل: محمد بن الأسود، وله حديثان أحدهما هذا، وليس لهم أبو لاس غيره، وهو فرد. وهذا التعليق رواه الطبراني عن عبيد بن غنام: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وحدثنا أبو خليفة حدثنا ابن المديني حدثنا
(٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 ... » »»