عمدة القاري - العيني - ج ٩ - الصفحة ٤٦
محمد بن عبيد الطنافسي، حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن أبي لاس، قال: (حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل من إبل الصدقة ضعاف للحج، فقلنا: يا رسول الله ما نرى أن تحملنا هذه! فقال: ما من بعير إلا وفي ذروته شيطان، فإذا ركبتموها فاذكروا نعمة الله عليكم كما أمركم الله ثم امتهنوها لأنفسكم، فإنما يحمل الله)، وأخرجه أحمد أيضا وابن خزيمة والحاكم وغيرهم ورجاله ثقات، إلا أن فيه عنعنة ابن إسحاق، ولهذا توقف ابن المنذر في ثبوته.
8641 حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب قال حدثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه. قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة فقيل منع ابن جميل وخالد بن الوليد وعباس بن عبد المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما ينقم ابن جميل ألا أنه كان فقيرا فأغناه الله ورسوله وأما خالد فإنكم تظلمون خالدا قد احتبس أدراعه وأعبده في سبيل الله وأما العباس بن عبد المطلب فعم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي صدقة ومثلها معها.
مطابقته للترجمة في قوله: (وأعبده في سبيل الله). ورجال هذا الإسناد قد مضوا غير مرة، وأبو اليمان الحكم بن نافع، وشعيب بن حمزة، وأبو الزناد، بالزاي والنون: عبد الله بن ذكوان، والأعرج هو عبد الرحمن بن هرمز، وفي رواية النسائي من طريق علي بن عياش: عن شعيب مما حدثه عبد الرحمن الأعرج مما ذكر أنه سمع أبا هريرة يقول قال عمر، رضي الله تعالى عنه، فذكره، صرح بالحديث في الإسناد وزاد فيه عمر، رضي الله تعالى عنه، والمحفوظ أنه من مسند أبي هريرة، وإنما جرى لعمر فيه ذكر فقط.
ذكر معناه: قوله: (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصدقة) أي: بالصدقة الواجبة، يعني: الزكاة لأنها المعهودة بانصراف الألف واللام إليها. وقال القرطبي: الجمهور صاروا إلى أن الصدقة هي الواجبة، لكن يلزم على هذا استبعاد هؤلاء المذكورين لها، ولذلك قال بعض العلماء: كانت صدقة التطوع، وقد روى عبد الرزاق هذا الحديث. وفيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم ندب الناس إلى الصدقة...) الحديث، وقال ابن القصار: وهذا أليق بالقصة لأنا لا نظن بأحدهم منع الواجب. قوله: (فقيل: منع ابن جميل) القائل هو عمر، رضي الله تعالى عنه، ووقع في رواية ابن أبي الزناد عند أبي عبيد، فقال بعض من يلمز أي: يعيب وابن جميل بفتح الجيم، ذكره الذهبي فيمن عرف بابنه ولم يسم، قيل: وقع في تعليق القاضي حسين المروزي الشافعي وتبعه الروياني أن اسمه: عبد الله، ووقع في (التوضيح) أن ابن بزيزة سماه حميدا، وليس بمذكور في كتابه، وقيل: وقع في رواية ابن جريج: أبو جهم ابن حذيفة، بدل ابن جميل وهو خطأ لإطباق الجميع على ابن جميل لأنه أنصاري، وأبو جهم قرشي. قوله: (وخالد بن الوليد) بالرفع عطف على: منع ابن جميل، (وعباس بن عبد المطلب) عطف عليه، ووقع في رواية أبي عبيد: (منع ابن جميل وخالد وعباس أن يعطوا)، وهو مقدر ههنا، لأن: منع، يستدعي مفعولا. وقوله: (أن يعطوا) في محل النصب على المفعولية، وكلمة: أن، مصدرية والتقدير: منع هؤلاء الإعطاء. قوله: (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) بيان لوجه امتناع هؤلاء عن الإعطاء فلذلك ذكره بالفاء. قوله: (ما ينقم)، بكسر القاف وفتحها، أي: ما ينكر أي: لا ينبغي أن يمنع الزكاة، وقد كان فقيرا فأغناه الله إذ ليس هذا جزاء النعمة قال ابن المهلب: كان ابن جميل منافقا فمنع الزكاة فاستتابه الله تعالى بقوله: * (وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يتوبوا يك خيرا لهم) * (التوبة: 47). فقال: استتابني ربي، فتاب وصلحت حاله، انتهى. وفيه تأكيد المدح بما يشبه الذم لأنه إذا لم يكن له عذر إلا ما ذكر من أن الله أغناه فلا عذر له. قوله: (وأما خالد...) إلى آخره، قال الخطابي: قصة خالد تؤول على وجوه: أحدها: أنه قد اعتذر لخالد ودافع عنه بأنه احتبس في سبيل الله تقربا إليه، وذلك غير واجب عليه، فكيف يجوز عليه منع الواجب؟ وثانيها: أن خالدا طولب بالزكاة عن أثمان الأدرع، على معنى أنها كانت عنده للتجارة، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا زكاة عليه فيها إذ جعلها حبسا في سبيل الله. وثالثها: أنه قد أجاز له أن يحتسب بما حبسه في سبيل الله من
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»