عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٦٣
خالد وفيه وفي التفسير أيضا عن قتيبة ببعضه وعن محمد بن كامل.
ذكر معناه: قوله: (فانكسفت) يقال: كسفت الشمس، بفتح الكاف، وانكسفت بمعنى، وأنكر القزاز: انكسفت، والحديث يرد عليه. قوله: (يجر رداءه)، جملة وقعت حالا، وزاد في اللباس من وجه آخر عن يونس: مستعجلا. وللنسائي في رواية يزيد ابن زريع عن يونس: من العجلة، قوله: (فإذا رأيتموها)، بتوحيد الضمير، وفي رواية كريمة: (فإذا رأيتموهما)، بتثنية الضمير، وجه الأول أن الضمير يرجع إلى الكسفة التي يدل عليها قوله: (لا يكسفان). أو الآية، لأن الكسفة آية من الآيات، ووجه الثاني ظاهر، لأن المذكور الشمس والقمر.
ذكر استنباط الأحكام: وهو على وجوه: الأول: استدل به أصحابنا على أن صلاة الكسوف ركعتان، لأنه مصرح فيه بقوله: (فصلى ركعتينن)، وكذلك روى جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة الكسوف ركعتان. منهم: ابن مسعود رضي الله تعالى عنه، أخرج حديثه ابن خزيمة في (صحيحه) عنه: (انكسفت الشمس فقال الناس: إنما انكسفت لموت إبراهيم، عليه السلام، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين). ومنهم: عبد الرحمن بن سمرة، رضي الله تعالى عنه، أخرج حديثه مسلم: (انخسفت الشمس فانطلقت، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يسبح ويكبر ويدعو، حتى انجلت الشمس، وقرأ سورتين وركع ركعتين). وأخرجه الحاكم، ولفظه: (وقرأ سورتين في ركعتين). وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه.، وأخرجه النسائي ولفظه: (فصلى ركعتين وأربع سجدات). ومنهم: سمرة بن جندب، أخرج حديثه الأربعة أصحاب السنن، وفيه: (فصلى فقام بنا كأطول ما قام بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا، قال: ثم ركع بنا كأطول ما ركع بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا، قال: ثم سجد بنا كأطول ما سجد بنا في صلاة قط لا نسمع له صوتا، قال: ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك). وقال الترمذي: حديث حسن صحيح. ومنهم: النعمان بن بشير، أخرج حديثه الطحاوي: حدثنا إبراهيم بن محمد الصيرفي البصري قال: حدثنا أبو الوليد، قال: حدثنا شريك عن عاصم الأحول عن أبي قلابة عن النعمان بن بشير، رضي الله تعالى عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس كما تصلون ركعة وسجدتين). وقال البيهقي: أبو قلابة لم يسمع من النعمان، والحديث مرسل قلت: صرح في (الكمال) بسماعه عن النعمان، وقال ابن حزم: أبو قلابة أدرك النعمان وروى هذا الخبر عنه، وصرح ابن عبد البر بصحة هذا الحديث، وقال: من أحسن حديث ذهب إليه الكوفيون حديث أبي قلابة عن النعمان، وأبو قلابة أحد الأعلام، واسمه: عبد الله بن زيد الجرمي، والحديث أخرجه أبو داود والنسائي أيضا. ومنهم: عبد الله بن عمرو ابن العاص، رضي الله تعالى عنهما، أخرج حديثه الطحاوي: حدثنا ربيع المؤذن، قال: حدثنا أسد، قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو، وقال: كسفت الشمس على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فقام بالناس فلم يكد يرفع ثم رفع فلم يكد يسجد ثم سجد فلم يكد يرفع ثم رفع، وفعل في الثانية مثل ذلك، فرفع رأسه وقد امحصت الشمس). وأخرجه الحاكم وقال: صحيح ولم يخرجاه من أجل عطاء بن السائب. قلت: قد أخرج البخاري لعطاء هذا حديثا مقرونا بأبي بشر، وقال أيوب: هو ثقة، وأخرجه أبو داود أيضا وأحمد في (مسنده) والبيهقي في (سننه). ومنهم: قبيصة الهلالي، رضي الله تعالى عنه أخرج حديثه أبو داود، قال: (كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فزعا يجر ثوبه وأنا معه يومئذ بالمدينة فصلى ركعتين) الحديث، وفيه: (فإذا رأيتموها فصلوا كأحدث
(٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 ... » »»