عمدة القاري - العيني - ج ٧ - الصفحة ٦٠
هذا التعليق ذكره عبد بن حميد في تفسيره، وقد ذكرناه آنفا: أطلق الرزق وأراد به لازمه وهو الشكر، فهو مجاز، أو أراد شكر رزقكم، فهو من باب الإضمار.
8301 حدثنا إسماعيل قال حدثني مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ابن مسعود عن زيد بن خالد الجهني أنه قال صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليلة فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل على الناس فقال هل تدرون ماذا قال ربكم قالوا الله ورسوله أعلم قال أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكوكب.
مطابقته للترجمة من حيث إنهم كانوا ينسبون الأفعال إلى غير الله، فيظنون أن النجم يمطرهم ويرزقهم، فهذا تكذيبهم، فنهاهم الله عن نسبة الغيوث التي جعلها الله حياة لعباده وبلاده إلى الأنواء، وأمرهم أن يضيفوا ذلك إليه لأنه من نعمته عليهم، وأن يفردوه بالشكر على ذلك.
ورجاله قد ذكروا غير مرة، وإسماعيل هو ابن أبي أويس ابن أخت مالك بن أنس.
قوله: (عن زيد بن خالد)، هكذا يقول صالح بن كيسان: لم يختلف عليه في ذلك، وخالفه الزهري فرواه عن شيخهما عبيد الله فقال: عن أبي هريرة، أخرجه مسلم عقب رواية صالح، وصحح الطريقين، لأن عبيد الله سمع من زيد بن خالد وأبي هريرة جميعا عدة أحاديث، فلعله سمع هذا منهما، فحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، وإنما لم يجمعهما لاختلاف لفظهما، وقد صرح صالح سماعه له من عبيد الله عند أبي عوانة، وروى صالح عن عبيد الله بواسطة الزهري عدة أحاديث.
وحديث الباب أخرجه البخاري في: باب يستقبل الإمام الناس إذا سلم: عن عبد الله بن مسلمة عن مالك إلى آخره ونحوه، وقد تكلمنا هناك على جميع ما يتعلق به من الأشياء، والله أعلم بحقيقة الحال.
92 ((باب لا يدري متى يجيء المطر إلا الله)) أي: هذا باب ترجمته لا يدري وقت مجيء المطر إلا الله، ولما كان الباب السابق يتضمن أن المطر إنما ينزل بقضاء الله تعالى، وأنه لا تأثير للكواكب في نزوله ذكر هذا الباب بهذه الترجمة ليبين أن أحدا لا يعلم متى يجيء، ولا يعلم ذلك إلا الله عز وجل، لأن نزوله إذا كان بقضائه ولا يعلمه أحد غيره فكذلك لا يعلم أحد إبان مجيئه.
وقال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم خمس لا يعلمهن إلا الله هذا قطعة من حديث وصله البخاري في الإيمان، وفي تفسير لقمان من طريق أبي زرعة عن أبي هريرة في سؤال جبريل، عليه الصلاة والسلام، عن الإيمان والإسلام، لكن لفظه: في خمس لا يعلمهن إلا الله، ووقع في بعض الروايات في التفسير بلفظ: وخمس، وروى ابن مردويه في التفسير من طريق يحيى بن أيوب البجلي عن جده عن أبي زرعة عن أبي هريرة رفعه: (خمس من الغيب لا يعلمهن إلا الله: * (إن الله عنده علم الساعة...) * (لقمان: 43). إلى آخره الآية.
9301 حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله لا يعلم أحد ما يكون في غد ولا يعلم أحد ما يكون في الأرحام ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت وما يدري أحد متى يجيء المطر.
.
مطابقته للترجمة ظاهرة. ورجاله قد ذكروا غير مرة، ومحمد بن يوسف هو الفريابي، وسفيان هو الثوري، وقد رواه البخاري مطولا في: باب سؤال جبريل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان والاسلام، ولفظه فيه: (في خمس لا يعلمهن إلا الله ثم
(٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 ... » »»