وذكر ابن قدامة في (المغني) فإن قدم صاحبا فجلس في موضع حتى إذا قام وأجلسه مكانه جاز، فعل ابن سيرين ذلك، كان يرسل غلامه يوم الجمعة فيجلس في مكان فإذا جاء قام الغلام، فإن لم يكن له نائب وجاء فقام له شخص ليجلسه مكانه جاز، لأنه باختياره فإن انتقل القائم إلى مكان أقرب لسماع الخطبة فلا بأس، وإن انتقل إلى دونه كره، ولو آثر شخصا بمكانه لم يجز لغيره أن يسبقه إليه لأن الحق للجالس آثر به غيره فقام مقامه في استحقاقه، كما لو حجر مواتا ثم آثر به غيره. وقال ابن عقيل: يجوز، لأن القائم أسقط حقه فبقي على الأصل، وإن فرش مصلاه في مكان ففيه وجهان: أحدهما يجوز رفعه والجلوس في موضعه لأنه لا حرمة له، ولأن السبق بالأجسام لا بالمصلى. والثاني: لا يجوز لأنه ربما يفضي إلى الخصومة، ولأنه سبق إليه فصار كحجر الموات. وقال القاضي أبو الطيب من الشافعية: تجوز إقامة الرجل من مكانه في ثلاث صور: وهو أن يقعد في موضع الإمام، أو في طريق يمنع الناس من المرور فيه، أو بين يدي الصف مستقبل القبلة.
21 ((باب الأذان يوم الجمعة)) أي: هذا باب في بيان حكم الأذان يوم الجمعة متى يشرع.
912 حدثنا آدم قال حدثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما فلما كان عثمان رضي الله تعالى عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء.
مطابقته للترجمة ظاهرة.
ذكر رجاله: وهم أربعة: آدم بن أبي إياس، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، والسائب بن يزيد الكندي ابن أخت النمر.
ذكر لطائف إسناده: وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضعين. وفيه: العنعنة في موضعين وفيه القول في موضعين وفيه عن السائب، وفي رواية عقيل: عن ابن شهاب أن السائب ابن يزيد أخبره، وفي رواية يونسوفيه: عن الزهري سمعت السائب، وستأتي هاتان الروايتان عن قريب إن شاء الله تعالى.
ذكر تعدد موضعه ومن أخرجه غيره: أخرجه البخاري أيضا في الجمعة عن أبي نعيم وعن يحيى بن بكير وعن محمد بن مقاتل. وأخرجه أبو داود في الصلاة عن محمد بن سلمة المرادي وعن عبد الله بن محمد النفيلي وعن هناد بن السري وعن محمد بن يحيى بن فارس. وأخرجه الترمذي فيه عن أحمد بن منيع وقال: حسن صحيح. وأخرجه النسائي فيه عن محمد بن سلمة المرادي به وعن محمد بن يحيى وعن محمد بن عبد الأعلى. وأخرجه ابن ماجة فيه عن يوسف بن موسى القطان وعن عبد الله بن سعيد.
ذكر معناه: قوله: (كان النداء)، أي: الأذان، وكذا وقع في رواية ابن خزيمة عن وكيع عن ابن أبي ذئب، (كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر أذانين يوم الجمعة) يريد بالأذانين: الأذان والإقامة. تغليبا، أو لاشتراكهما في الإعلام وفي رواية لابن خزيمة عن أبي عامر: (عن ابن أبي ذئب: كان ابتداء النداء الذي ذكره الله تعالى في القرآن يوم الجمعة). قوله: (أوله)، بالرفع بدل من النداء. قوله: (إذا جلس الإمام على المنبر) جملة في محل النصب لأنها خبر: كان، وفي رواية أبي عامر المذكورة: (إذا خرج الإمام وإذا أقيمت الصلاة). وكذا في رواية البيهقي من طريق ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب. وفي رواية النسائي عن سليمان التيمي: عن الزهري (كان بلال يؤذن إذا جلس النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فإذا نزل أقام، ثم كان كذلك في زمن أبي بكر وعمر). وفي رواية أبي داود: (كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على باب المسجد وأبي بكر وعمر). وكذا في رواية الطبراني، وفي رواية عبد بن حميد في تفسيره: (في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعامة خلافة عثمان، فلما تباعدت المنازل وكثر الناس أمر بالنداء الثالث فلم يعب ذلك عليه، وعيب عليه إتمام الصلاة بمنى). وقال الشافعي، رحمه الله: حدثنا بعض أصحابنا عن ابن أبي ذئب، وفيه: ثم أحدث عثمان الأذان الأول على الزوراء. وفي (مصنف عبد الرزاق): عن ابن جريج، قال سليمان بن موسى: (أول من زاد الأذان بالمدينة عثمان، رضي الله تعالى عنه، فقال عطاء: كلا إنما كان يدعو الناس دعاء ولا