عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٥٦
المسارعة إلى خلاص الذمة، والسبق لدخول المسجد، والقرب من الإمام، واستماع قراءته والتعلم منه، والفتح عليه عند الحاجة، واحتياج الإمام إليه عند الاستخلاف، والبعد ممن يخترق الصفوف، وسلامة الخاطر من رؤية من يكون بين يديه، وخلوه موضع سجوده من أذيال المصلين.
720 حدثنا أبو عاصم عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الشهداء الغرق والمطعون والمبطون والهدم. قال ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لأتوهما ولو حبوا ولو يعلمون ما في الصف الأول لاستهموا.
مطابقته للترجمة في قوله: (ولو يعلمون ما في الصف الأول لاستهموا).
ذكر رجاله: وهم خمسة: كلهم قد ذكروا، وأبو عاصم النبيل اسمه الضحاك بن مخلد، وسمي، بضم السين المهملة وفتح الميم وتشديد الياء آخر الحروف: القرشي المخزومي أبو عبد الله المدني، مولى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وأبو صالح ذكوان السمان.
وفيه: التحديث بصيغة الجمع في موضع واحد، والعنعنة في أربعة مواضع، ورواته ما بين بصري ومدني، فالبصري شيخ البخاري والباقون مدنيون.
وأخرج البخاري من هذا الحديث في: باب فضل التهجير، عن قتيبة عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة بأتم منه، ولفظه: (الشهداء خمس: المطعون والمبطون والغريق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله). وفيه: (والصف الأول)، وأخرجه في: باب الاستهام في الأذان عن عبد الله بن يوسف عن مالك عن سمي... إلى آخره، ولفظه: (لو يعلم الناس ما في النداء الأول والصف الأول ثم لا يجدون إلا إن يستهموا لاستهموا...) الحديث. وليس فيه ذكر: الشهداء، وذكرنا في البابين جميع ما يتعلق به من الأشياء. قوله: (الغرق)، بكسر الراء بمعنى: الغريق، (والمبطون): هو صاحب الإسهال، (والهدم)، بكسر الدال، وقيل: بسكونها. وقال الكرماني: هو المهدوم. قلت: المهدوم هو الذي يهدم، وأما الهدم هو الذي يقع عليه الهدم، كما في الحديث الماضي، وصاحب الهدم، (والتهجير): التبكير إلى كل شيء،. (والعتمة) صلاة العشاء، و: الحبو، الزحف على الأست. و: الاستهام: الاقتراع، و: المقدم: ضد المؤخر، وهو أيضا أمر نسبي، ويروى: الصف الأول، فإن أردت الإمعان في الكلام فعليك بما في البابين المذكورين.
74 ((باب إقامة الصف من تمام الصلاة)) أي: هذا باب في بيان إقامة الصف، وهي تسويته من تمام الصلاة، وسنذكر ما المراد من: تمام الصلاة.
722 حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنما جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد وإذا سجد فاسجدوا وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعون وأقيموا الصف في الصلاة فإن إقامة الصف من حسن الصلاة (الحديث 722 طرفه في: 734).
ذكر البخاري في الترجمة: من تمام الصلاة، وفي الحديث: (من حسن الصلاة) وفي حديث أنس في الباب: (فإن تسوية الصفوف من إقامة الصلاة). وفي رواية أبي داود عن أبي الوليد الطيالسي وسليمان بن حرب، كلاهما عن شعبة عن قتادة عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة). وكذا أخرجه الإسماعيلي عن أبي خليفة والبيهقي من طريق عثمان الدارمي، كلاهما عنه، وكذا مسلم وغيره من طريق جماعة عن شعبة، ثم توجيه المطابقة بين الترجمة وحديثي الباب من حيث إن المراد من الحسن هو الكمال، لأن حسن الشيء زائد على حقيقته، فتعين تقدير هذا اللفظ في الترجمة هكذا باب: إقامة الصف من كمال تمام الصلاة أو من حسن تمام الصلاة، ولا خفاء أن تسوية الصف ليست من حقيقة الصلاة، وإنما هي من حسنها وكمالها، وإن كانت هي في نفسها سنة أو واجبة أو مستحبة على اختلاف الأقوال.
(٢٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 ... » »»