عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ٢٥٩
على عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا الصلاة وقد ضيعت. فإن ذلك كان بالشام، وهذا بالمدينة، فإن قلت: ما فائدة ذكر هذا المعلق وما الفرق بين الطريقين؟ قلت: الجواب عن الأول: أن البخاري أراد بذكر الطريق الثاني بيان سماع بشير بن يسار له عن أنس، رضي الله تعالى عنه، وعن الثاني: أنه في الأول روى عن أنس، وفي الثاني ما روى عنه، بل شاهد بنفسه الحال.
76 ((باب الصاق المنكب بالمنكب والقدم بالقدم في الصف)) أي: هذا باب في بيان إلصاق المنكب بالمنكب... إلى آخره، وأشار بهذا إلى المبالغة في تعديل الصفوف وسد الخلل فيه، وقد وردت أحاديث كثيرة في ذلك. منها: ما رواه أبو داود من حديث محمد بن مسلم بن السائب صاحب (المقصورة) قال: (صليت إلى جنب أنس بن مالك يوما فقال: هل تدري لم صنع هذا العود؟ فقلت: لا والله. قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع يده عليه ويقول: استووا وعدلوا صفوفكم). ثم قال: حدثنا مسدد حدثنا حميد الأسود حدثنا مصعب بن ثابت عن محمد بن مسلم عن أنس بن مالك بهذا الحديث قال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه ثم التفت فقال: اعتدلوا سووا صفوفكم، ثم أخذه بيساره، وقال اعتدلوا سووا صفوفكم). وفي لفظ: (رصوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا الأعناق)، الحديث. وفي لفظ: (أتموا الصف المقدم ثم الذي يليه، فما كان من نقص فليكن في الصف المؤخر). ومنها: ما رواه ابن حبان في (صحيحه): عن البراء بن عازب (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الصف من ناحية إلى ناحية يمسح صدورنا ومناكبنا ويقول: لا تختلفوا فتختلف قلوبكم)، وفي لفظ: (فيمسح عواتقنا وصدورنا)، وعند السراج: (مناكبنا أو صدورنا)، وفي لفظ: (كان يأتي من ناحية الصف إلى ناحيته القصوى بين صدور القوم ومناكبهم)، وفي لفظ: (يمسح عواتقنا أو قال: مناكبنا، أو قال صدورنا ويقول: لا تختلف صدوركم فتختلف قلوبكم). ومنها: ما رواه مسلم من حديث أبي مسعود: (كان يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول: استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم) الحديث. ومنها: ما رواه أبو داود: حدثا عيس بن إبراهيم الغافقي حدثنا ابن وهب وحدثنا قتيبة حدثنا الليث وحديث ابن وهب أتم من معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر قال قتيبة عن أبي الزاهربة عن أبي شجرة لم يذكر ابن عمر ان رسوا الله صلى الله عليه وسلم قال (أقيموا الصفوف) بين المناكب وسدوا الخلل، ولينوا بأيدي إخوانكم ولا تذروا فرجات للشيطان، ومن وصل صفا وصله الله، ومن قطع صفا قطعه الله). قلت: ابن وهب هو عبد الله بن وهب وأبو الزاهرية: حدير بن كريب، بضم الحاء المهملة، وأبو شجرة: هو كثير بن مرة. قوله: (ولينوا بأيدي إخوانكم) قال أبو داود: معناه إذا جاء رجل إلى الصف فذهب يخل فيه فينبغي أن يلين له كل رجل منكبه حتى يدخل في الصف. قوله: (ولا تذروا) أي: ولا تتركوا.
وقال النعمان بن بشير رأيت الرجل يلزق كعبه بكعب صاحبه النعمان بن بشير بن سعيد بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي أبو عبد الله المدني صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن صاحبه، وهو أول مولود ولد في الأنصار بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، وقال يحيى بن معين: أهل المدينة يقولون: لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأهل العراق يصححون سماعه منه، قتل فيما بين دمشق وحمص يوم راهط، وكان زبيريا. وعن أبي مسهر: كان عاملا على حمص لابن الزبير، فلما تمرد أهل حمص خرج هاربا فاتبعه خالد بن عدي فقتله، وقيل: قتل في سنة ست وستين بسلمية، وهذا التعليق طرف من حديث رواه أبو داود: حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع عن زكريا ب أبي زائدة عن أبي القاسم الجدلي، قال: سمعت النعمان بن بشير يقول: (أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، على الناس بوجهه، فقال: (أقيموا صفوفكم ثلاثاد والله لتقيمن صفوفكم أو ليخالفن الله بين قلوبكم. فقال: فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه). وأخرجه ابن حبان أيضا في (صحيحه) وأبو القاسم الجدلي: اسمه الحسين بن الحارث المنسوب إلى جديلة قيس الكوفي. قوله: (لتقيمن) بضم الميم لأن أصله: لتقيمون، فلما دخلت عليه نون التأكيد حذفت الواو لالتقاء الساكنين. قوله: (أو ليخالفن الله): اللام الأولى للتأكيد مفتوحة، والفاء مفتوحة. قوله: (يلزق)، بضم الياء: من الإلزاق أي: يلصق. قوله: (كعبه بكعب صاحبه)، أي: يلزق كعبه بكعب صاحبه الذي بحذائه.
وفيه: دليل على أن الكعب
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»