عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٣٦
مطابقته للترجمة ظاهرة، وهو أذان بلال في الليل قبل دخول وقت الفجر.
ذكر رجاله: وهم تسعة: الأول: إسحاق غير منسوب، وزعم الجياني أن إسحاق عن أبي أسامة يحتمل أن يكون إسحاق بن إبراهيم الحنظلي أو إسحاق بن منصور الكوسج، أو إسحاق بن نصر السعدي وزعم الحافظ أبو الحجاج الدمشقي في (أطرافه): أنه إسحاق بن إبراهيم، ووجد بخط الحافظ الدمياطي على حاشيته الصحيح: أن إسحاق هذا هو ابن شاهين الواسطي. وقال بعضهم أما ما وقع بخط الدمياطي بأنه ابن شاهين، فليس بصواب، لأنه لا يعرف له عن أبي أسامة شيء. قلت: عدم معرفته بعدم رواية ابن شاهين عن أبي أسامة لا يستلزم العدم مطلقا، وجهل الشخص بشيء لا يستلزم جهل غيره به. قلت: هذا الالتباس قدح في الأسناد؟ قلت: لا، لأن أيا كان منهم فهو عدل ضابط بشرط البخاري. الثاني: أبو أسامة، وهو حماد بن أسامة وقد تقدم. الثالث: عبيد الله، بتصغير العبد، وهو: عبيد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب المدني العمري العدوي القريشي، وقد تقدم. الرابع: القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه، وقد تقدم. الخامس: نافع مولى ابن عمر. السادس: يوسف بن عيسى أبو يعقوب المروزي، وقد تقدم. السابع: الفضل بن موسى السيناني، وسينان بكسر السين المهملة، قرية من قرى مرو. الثامن: عائشة أم المؤمنين. التاسع: عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله تعالى عنهما.
ذكر لطائف إسناده منها: أنه أخرج هذا الحديث عن عبيد الله بن عمر من وجهين ذكر له في أحدهما إسنادين: نافع عن ابن عمر، والقاسم عن عائشة. والوجه الثاني: اقتصر فيه على القاسم عن عائشة. ومنها أن فيه: التحديث بصيغة الإفراد عن إسحاق وعن يوسف، ويروى بصيغة الجمع أيضا في ثلاثة مواضع: عبيد الله عن القاسم، والفضل عن عبيد الله، ويوسف عن الفضل. ومنها أن فيه: الإخبار بصيغة الجمع إسحاق عن أبي أسامة. ومنها أن فيه: العنعنة في سبعة مواضع، وهو ظاهر لا يخفى. وفيه: القول في أربعة مواضع بعد إسحاق وبعد أبي أسامة وبعد يوسف وبعد الفضل.
قوله: (قال عبيد الله: حدثنا عن القاسم) فاعل: قال، هو أبو أسامة، وعبيد الله هو القائل بقوله: حدثنا. وفيه: تقديم وتأخير، وأصل التركيب: قال أبو أسامة: حدثنا عبيد عن القاسم، وكأنه راعى لفظ شيخه ولم يذكره على الأصل. قوله: (وعن نافع)، عطف على القاسم أي: قال عبيد الله عن نافع أيضا، ومنها أن فيه كلمة : (ح) في أكثر النسخ، وهي إشارة إلى التحويل من إسناد إلى إسناد آخر قبل ذكر متن الحديث، أو إشارة إلى الحائل أو إلى الحديث، وقد مر في الكتاب مثل هذا في غير موضع.
قوله: (حتى يؤذن) وفي رواية الكشميهني: (حتى ينادي)، وقد أورده البخاري في الصيام بلفظ: (يؤذن)، وزاد وفي آخره: (فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر). قال القاسم: لم يكن بين أذانهما إلا أن يرقى في هذا وينزل هذا. فإن قلت: هذا مرسل. لأن القاسم تابعي فلم يدرك القصة المذكورة. قلت: ثبت عند الطحاوي من رواية يحيى القطان، وعند النسائي من رواية حفص بن غياث، كلاهما عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة، فذكر الحديث، (قالت: فلم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويصعد هذا). وعلى هذا فمعنى قوله: في رواية البخاري، قال القاسم، أي: في روايته عن عائشة، رضي الله تعالى عنها.
ذكر بقية الكلام قد مر عن قريب: قال الكرماني: قالت الحنفية: لا يسن الأذان قبل وقت الصبح. قال الطحاوي: أن ذلك النداء من بلال لينبه النائم ويرجع القائم لا للصلاة، وقال غيره: إنه كان نداء لا أذانا، كما جاء في بعض الروايات أنه كان ينادي. أقول للشافعية: أن يقولوا: المقصود بيان أن وقوع الأذان قبل الصبح، وتقرير الرسول صلى الله عليه وسلم له، وأما أنه للصلاة أو لغرض آخر، فذلك بحث آخر. وأما رواية: (كان ينادي)، فمعارض برواية: (كان يؤذن) والترجيح معنا لأن كل أذان نداء بدون العكس، فالعمل برواية: (يؤذن عمل بالروايتين، وجمع بين الدليلين، والعكس ليس كذلك. قلت: أراد الكرماني أن ينتصر لمذهبه لكن لم يأت بشيء عليه قبول، فقوله: قال الطحاوي: إن ذلك النداء من بلال لينبه النائم ويرجع القائم، هو من كلام الشارع، فإن أراد بذلك الاعتراض عليه فهو باطل. وقوله: لا للصلاة، مسلم عندهم أيضا، حتى لو صلى بذلك الأذان صلاة الفجر لا يجوز. وقوله: المقصود بيان أن وقوع الأذان قبل الصبح، فهذا لا ننازعهم فيه، ونحن أيضا نقول: إنه وقع قبل الصبح، ولكن لا يعتد به في حق الصلاة. وقوله: وتقرير الرسول صلى الله عليه وسلم له، يرده قوله صلى الله عليه وسلم لبلال: أن يرجع فينادي: (ألا إن العبد نام، فرجع فنادى: ألا إن العبد نام). رواه الطحاوي والترمذي من حديث حماد
(١٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 ... » »»