عمدة القاري - العيني - ج ٥ - الصفحة ١٣٧
ابن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر، رضي الله تعالى عنهما. فإن قلت: قال الترمذي: هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم). قلت: ما لحماد بن سلمة، وهو ثقة؟. وليس حديثه يخالف حديث عبيد الله بن عمر، لأن حديثه لإيقاظ النائم ورجع القائم، ولم يكن لأجل الصلاة، فلذلك لم يأمره صلى الله عليه وسلم بأن يرجع وينادي: (ألا إن العبد نام). وأما حديث حماد ابن سلمة فقد كان لأجل غفلة بلال عن الوقت، وعلى كلا التقديرين: أذان بلال لم يكن معتدا للصلاة. وقوله: وأما رواية (كان ينادي...) إلى آخره، فليس كذلك، لأن كلا من الأذان والنداء في الحقيقة يرجع إلى معنى واحد، وهو الإعلام، ولا إعلام قبل الوقت. ثم قال الكرماني: بأن الأذان للإعلام بوقت الصلاة بالألفاظ التي عينها الشارع، وهو لا يصدق عليه، لأنه ليس إعلاما بوقتها. فأجاب بأن الإعلام بالوقت أعم من أن يكون إعلاما بأن الوقت دخل، أو قرب أن يدخل. انتهى. قلت: فعلى ما ذكره إذا أذن عند قرب وقت صلاة أي صلاة كانت ينبغي أن يكتفي به ولا يعاد، ويصلى به. ولم يقل به أحد في كل الصلاة. وقال بعضهم: واحتج الطحاوي بعدم مشروعية الأذان قبل الفجر، بقوله: (لما كان بين أذانيهما من القرب)، ما ذكر في حديث عائشة ثبت أنهما كانا يقصدان وقتا واحدا وهو طلوع الفجر، فيخطئه بلال ويصيبه ابن أم مكتوم، وتعقب بأنه لو كان كذلك لما أقره النبي صلى الله عليه وسلم مؤذنا، واعتمد عليه، ولو كان كما ادعى لكان وقوع ذلك منه نادرا. قلت: لو اعتمد عليه في أذان الفجر لكان لم يقل: لا يغرنكم أذان بلال، وتقريره صلى الله عليه وسلم إياه على ذلك لم يكن إلا لمعنى بينه في الحديث، وهو: تنبيه النائم ورجع القائم، لمعان مقصودة في ذلك.
14 باب بين الأذان والإقامة ومن ينتظر إقامة الصلاة أي: هذا باب يذكر فيه كم بين الأذان والإقامة، فحينئذ يكون باب منونا مرفوعا على أنه خبر مبتد محذوف، وقال بعضهم: أما باب، فهو في روايتنا بلا تنوين. قلت: ليت شعري من هو الراوي له، فهل هو ممن يعتمد عليه في تصرفه في التراكيب، وهذا ليس لفظ الحديث حتى يقتصر فيه على المروي، وإنما هو كلام البخاري، فالذي له يد في تحقيق النظر في تراكيب الناس يتصرف فيه بأي وجه، يأتي معه على قاعدة أهل النحو واصطلاح العلماء فيه، وباب هنا منون، ووجهه ما ذكرناه، ومميز: كم، محذوف أي: كم ساعة، ونحو ذلك. قوله: (والإقامة) أي: إقامة الصلاة. قوله: (ومن ينتظر الإقامة) ليس بموجود في كثير من النسخ، وعلى تقدير وجوده يكون عطفا على المقدر الذي قدرناه، تقديره: ويذكر فيه من ينتظر إقامة الصلاة.
20 - (حدثنا إسحاق الواسطي قال حدثنا خالد عن الجريري عن ابن بريدة عن عبد الله بن مغفل المزني أن رسول الله قال بين كل أذانين صلاة ثلاثا لمن شاء) مطابقته للترجمة ظاهرة لأن معنى قوله ' بين كل أذانين صلاة ' بين الأذان والإقامة وقال بعضهم ولعل البخاري أشار بذلك أي بقوله باب كم بين الأذان والإقامة إلى ما روي عن جابر رضي الله عنه ' أن النبي قال لبلال اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمقتصر إذا دخل لقضاء حاجة ' أخرجه الترمذي والحاكم لكن إسناده ضعيف (قلت) هذا كلام عجيب لأنه كيف يترجم بابا ويورد فيه حديثا صحيحا على شرطه ويشير بذلك إلى حديث ضعيف فأي شيء هنا يدل على هذه الإشارة.
(ذكر رجاله) وهم خمسة * الأول اسحق هو ابن شاهين الواسطي وفي الرواة إسحاق بن وهب العلاف الواسطي ولكن ليست له رواية عن خالد وإنما تميز اسحق ههنا من غيره من اسحق الحنظلي وإسحاق بن نصر السعدي وإسحاق بن منصور الكوسج بقوله الواسطي * الثاني خالد بن عبد الله الطحان وقد تقدم * الثالث الجريري بضم الجيم وفتح الراء الأولى وسكون الياء آخر الحروف وبالراء المهملة هو سعيد بن إياس * الرابع ابن بريدة بضم الباء الموحدة وفتح الراء وسكون الياء آخر الحروف وبالدال المهملة وهو عبد الله بن حصيب الأسلمي قاضي مرو مات بها * الخامس عبد الله بن مغفل بضم الميم وفتح الغين المعجمة وتشديد الفاء *
(١٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 ... » »»