مسند محمد بن قيس البجلي حول قضايا أمير المؤمنين (ع) وغيرها - تحقيق بشير المازندراني - الصفحة ١٤٣
قال: فائتمرا بينما، فغلبتهما الشهوة التي جعلت فيهما فقالا لها: نجيبك إلى ما سألت.
فقالت: فدونكما فاشربا هذه الخمر فإنه قربان لكما وبه تصلان لأي ما تريدان.
فائتمرا بينهما فقالا: هذه ثلاث خصال مما نهانا ربنا عنها الشرك، والزنا، وشرب الخمر، وإنما ندخل في شرب الخمر والشرك حتى نصل إلى الزنا.
فائتمرا بينهما فقالا: ما أعظم البلية بك. قد أجبناك إلى ما سألت.
قالت: فدونكما فاشربا من هذه الخمر واعبدا هذا الصنم واسجدوا له.
فشربا الخمر وعبدا الصنم ثم راوداهما عن نفسها. فلما تهيأت لهما دخل عليهما سائل يسأل (هذه) فلما رآهما ورأياه ذعرا منه فقال لهما: إنكما نابان ذعران قد خلوتما بهذه المرأة المعطرة الحسناء. إنكما لرجلا سوء وخرج عنهما.
فقالت لهما: لا وإلهي ما تصلان الآن إلي وقد اطلع هذا الرجل على حالكما وعرفت مكانكما ويخرج الآن ويخبر بخبركما ولكن بادرا إلى هذا الرجل فاقتلاه قبل أن يفضحكما ويفضحني. ثم دونكما، فاقضيا حاجتكما وأنتما مطمئنان آمنان.
قال، فقاما إلى الرجل فأدركاه فقتلاه ثم رجعا إليها، فلم يرياها وبدت لهما سوآتهما ونزع عنهما رياشهما وأسقطا في أيديهما.
قال، فأوحى الله إليهما أن أهبطتكما إلى الأرض مع خلقي ساعة من النهار فعصيتماني بأربع من معاصي كلها قد نهيتكما عنها وتقدمت إليكما فيها فلم تراقباني ولم تستحييا مني وقد كنتما أشد من نقم على أهل الأرض المعاصي واستجر أسفي وغضبي عليهم لما جعلت فيكما من طبع خلقي وعصمتي إياكما من المعاصي، فكيف رأيتما موضع خذلاني فيكما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة.
فقال أحدهما لصاحبه: نتمتع من شهواتنا في الدنيا إذ صرنا إليها إلى أن نصير إلى عذاب الآخرة.
فقال الآخر: إن عذاب الدنيا له مدة وانقطاع، وعذاب الآخرة دائم لا انقطاع له فلسنا نختار عذاب الآخرة الدائم الشديد على عذاب الدنيا المنقطع الفاني.
(١٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 » »»
الفهرست