الأصول الأربعمائة - الشيخ أسعد كاشف الغطاء - الصفحة ٤
من أجل أن نعطي لمحة تاريخية عن الأصول الأربع مائة لابد من استجلاء الروايات الواردة عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وعن الأئمة الطاهرين من أهل بيته عليهم السلام التي بها فسر القرآن الكريم وبينت ناسخة ومنسوخة، ومطلقه ومقيده، وعامه وخاصه وجاءت مؤكدة له ومبينة لمجمله. وبها يعرف تفصيل شرائع الدين ومعالمه وأحكامه فكان من المؤكد ان يهتم أصحاب رسول الله بالسنة النبوية. كما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان يأمر أصحابه ممن يعرف منهم القراءة والكتابة بان يكتب له ما أنزل من القرآن الكريم فتكون نسخة له صلى الله عليه وآله وسلم ونسخة للصحابي حتى اشتهر من كان يتولى هذه المهمة من الصحابة في الزمن النبوي الشريف بلقب (كتاب الوحي). ولكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم انقسم أصحابه إلى قسمين فمنهم من منع تدوين الأحاديث النبوية ويمثل هذا القسم عمر بن الخطاب ومن قفا أثره بحجة أنها تختلط ألفاظها ومعانيها مع القرآن وقسم آخر أهتم بتدوين السنة وحث عليها ويمثل هذا القسم الإمام أمير المؤمنين علي عليه السلام ومن حذا حذوه. فكان لأصحاب الإمام كتب برزت في زمن متأخر مثل كتاب سليم بن قيس الهلالي وبقي الأمر على هذه الحال حتى زمن عمر بن عبد العزيز حيث أمر بتدوين الحديث ويتضح هذا من كلام الإمام السيد عبد الحسين شرف الدين قدس سره في مراجعاته «إن الباحثين ليعلمون بالبداهة تقدم الشيعة في تدوين العلوم على من سواهم إذ لم يتصد لذلك في العصر الأول غير علي وأولي العلم من شيعته، ولعل السر في ذلك اختلاف الصحابة في إباحة كتابة العلم وعدمها، فكرهها - كما عن العسقلاني في مقدمة فتح (1) الباري - عمر بن الخطاب وجماعة آخرون خشية أن يختلط الحديث في الكتاب، وأباحه علي أمير

(1) يعني كتاب فتح الباري في شرح صحيح البخاري للحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفى سنة 852.
(٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»