أنصار الحسين (ع) - محمد مهدي شمس الدين - الصفحة ٢٠٣
تقضي بها أية ضرورة عسكرية. لقد حوصر الثائرون، وحيل بينهم وبين أن تصل إليهم أية معونة، وعذبوا مع أطفالهم ونسائهم وحيواناتهم بالعطش، ثم قتلوا، ثم رضت أجسادهم بحوافر الخيل، ثم قطعت رؤوس العناصر البارزة في المجتمع الاسلامي من الثوار، ثم سبيت نساؤهم، والهاشميات منهم بوجه خاص.
لماذا كل هذه الوحشية التي لا لزوم لها على الاطلاق؟
لقد أرادت السلطة أن تجعل هؤلاء الثائرين عبرة لغيرهم، وأرادت أن تحدث تأثيرا نفسيا محطما في العناصر (الشاذة) في القبائل، لقد أرادت أنت تحطم المناعة النفسية في البؤر الثورية في كل العرب، في عرب اليمن - وهم الذين كبرت على السلطة ثورتهم وهم المقربون من الدولة وأهل السلطان - وفي عرب الشمال.
إن الثائين لم يتصرفوا بروح قبيلة، ولا بعقلية قبلية، لقد تصرفوا بوحي من عقيدتهم الاسلامية، وبذلك أفلتوا من الطوق الذي تستطيع السلطة أن تقودهم به. ربما لم يكن في نية السلطة أن تقسو إلى هذا الحد الوحشي (هذا إذا صدقنا بعض الروايات التي تتحدث عن أن عبيد الله بن زياد قبل، لبعض الوقت، أن يفك الحصار، ويسمح للحسين وصحبه بالتوجه إلى بعض البلاد، ويعود الامر شورى بين المسلمين وهي روايات نشك في صحتها).
لقد تصرفت السلطة مع الثوار بوحشية تضرب بها الأمثال، فقد اكتشفت أن الثورة اجتذبت بسهولة عناصر قيادية كان يجب أن تكون موالية (زهير بن القين البجلي، وأمثاله)، لأنها من قمة الهرم الاجتماعي، من
(٢٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة