بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٢٠ - الصفحة ٢٨٤
وجدوا مس الأرض وقعوا نياما، وإنما فعل ذلك ليشتغل الناس عن الحديث الذي خرج من ابن أبي، ثم راح بالناس حتى نزل على ماء بالحجاز فويق البقيع يقال له: بقعاء فهاجت ريح شديدة آذتهم وتخوفوها، وضلت ناقة رسول الله وذلك ليلا، فقال صلى الله عليه وآله: " مات اليوم منافق عظيم النفاق بالمدينة " قيل: من هو؟ قال: رفاعة، فقال رجل من المنافقين: كيف يزعم أنه يعلم الغيب ولا يعلم مكان ناقته؟ ألا يخبره الذي يأتيه بالوحي؟ فأتاه جبرئيل فأخبره بقول المنافق وبمكان الناقة، وأخبر رسول الله بذلك أصحابه، وقال: " ما أزعم أني أعلم الغيب وما أعلمه، ولكن الله تعالى أخبرني بقول المنافق وبمكان ناقتي هي في الشعب " فإذا هي كما قال فجاؤوا بها وآمن ذلك المنافق، فلما قدموا المدينة وجدوا رفاعة بن زيد في التابوت (1) أحد بني قينقاع وكان من عظماء اليهود قد مات ذلك (2) اليوم.
قال زيد بن أرقم: فلما وافى رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة جلست في البيت لما بي من الهم والحياء، فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبد الله، ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وآله باذن زيد فرفعه عن الرحل ثم قال: " يا غلام صدق فوك ووعت أذناك، ووعى قلبك (3)، وقد أنزل الله فيما قلت قرآنا ".
وكان عبد الله بن أبي بقرب المدينة فلما أراد أن يدخلها جاء ابنه عبد الله بن عبد الله حتى أناخ على مجامع طرق المدينة، فقال: مالك ويلك؟ قال والله (4) لا تدخلها إلا بإذن رسول الله صلى الله عليه وآله، ولتعلمن اليوم من الأعز ومن الأذل، فشكا عبد الله ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأرسل إليه أن خل عنه يدخل، فقال: أما إذا جاء أمر رسول الله فنعم، فدخل فلم يلبث إلا أياما قلائل حتى اشتكى ومات، فلما نزلت هذه الآيات وبان كذب عبد الله قيل له: إنه نزل فيك آي شداد فاذهب إلى

(1) في السيرة: رفاعة بن زيد بن التابوت.
(2) في ذلك خ ل.
(3) في السيرة: قال. هذا الذي أوفى لله باذنه.
(4) فقال: لا والله خ ل.
(٢٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 ... » »»
الفهرست