بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٨٤
" ولا حام " وهو الذكر من الإبل، كانت العرب إذا نتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قالوا: قد حمى ظهره، فلا يحمل عليه، ولا يمنع من ماء، ولا من مرعى، عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما، وقيل: إنه الفحل إذا لقح ولد ولده قيل: حمى ظهره فلا يركب، عن الفراء.
أعلم الله سبحانه أنه لم يحرم من هذه الأشياء شيئا، وقال المفسرون: روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله أن عمرو بن لحي بن قمعة بن خندف كان قد ملك مكة، وكان أول من غير دين إسماعيل، فاتخذ الأصنام، ونصب الأوثان، وبحر البحيرة، وسيب السائبة، ووصل الوصيلة، وحمى الحامي، قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
فلقد رأيته في النار تؤذي أهل النار ريح قصبه، (1) ويروى: يجر قصبه في النار. (2) وفي قوله: " ولو نزلنا عليك كتابا " نزلت في النضر بن الحارث وعبد الله بن أمية و نوفل بن خويلد قالوا: يا محمد لن نؤمن لك حتى تأتينا بكتاب من عند الله ومعه أربعة من الملائكة يشهدون عليه أنه من عند الله وأنك رسوله " ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر ثم لا ينظرون " أي لما آمنوا به، فاقتضت الحكمة استيصالهم وأن لا يمهلهم " ولو جعلناه ملكا " أي الرسول، أو الذي ينزل عليه ليشهد بالرسالة " لجعلناه رجلا " لأنهم لا يستطيعون أن يروا الملك في صورته، لان أعين الخلق تحار عن رؤية الملائكة إلا بعد التجسم بالأجسام الكثيفة " وللبسنا عليهم ما يلبسون " قال الزجاج: كانوا هم يلبسون على ضعفتهم في أمر النبي صلى الله عليه وآله فيقولون: إنما هذا بشر مثلكم، فقال:
لو أنزلنا ملكا فرأوهم الملك رجلا لكان يلحقهم من اللبس مثل ما لحق ضعفتهم منهم، وهذا احتجاج عليهم بأن الذي طلبوه لا يزيدهم بيانا، وقيل: معناه: ولو أنزلنا ملكا لما عرفوه إلا بالتفكر وهم لا يتفكرون، فيبقون في اللبس الذي كانوا فيه، وأضاف اللبس إلى نفسه لأنه يقع عند إنزاله الملائكة. (3)

(١) في النهاية: فيه: رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النار، والقصب بالضم: المعى، و جمعه اقصاب، وقيل: القصب اسم للأمعاء كلها، وقيل: هو ما كان أسفل البطن من الأمعاء.
(2) مجمع البيان 3: 252.
(3) مجمع البيان 4: 275 - 277.
(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»
الفهرست