بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٨٩
وقال أبو جعفر عليه السلام: لما نزل " فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين " قال المسلمون: كيف نصنع إن كان كلما استهزأ المشركون بالقرآن قمنا وتركناهم فلا ندخل إذا المسجد الحرام ولا نطوف بالبيت الحرام، فأنزل الله تعالى: " وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ " أم بتذكيرهم وتبصيرهم ما استطاعوا. (1) وفي قوله: " كالذي استهوته الشياطين في الأرض حيران " استهوته من قولهم:
هوى من حالق: إذا تردى، ويشبه به الذي زل عن الطريق المستقيم، وقيل: استغوته الغيلان في المهامه، (2) وقيل: دعته الشياطين إلى اتباع الهوى، وقيل: أهلكته، وقيل:
ذهبت به " له أصحاب يدعونه إلى الهدى " أي إلى الطريق الواضح، يقولون له: " ائتنا " ولا يقبل منهم ولا يصير إليهم لأنه قد تحير لاستيلاء الشيطان عليه. (3) وفي قوله: " وما قدروا الله حق قدره " جاء رجل من اليهود يقال له: مالك بن الصيف (4) يخاصم النبي صلى الله عليه وآله، فقال له النبي صلى الله عليه وآله: أنشدك بالذي أنزل التوراة على موسى أما تجد في التوراة أن الله سبحانه يبغض الحبر السمين؟ - وكان سمينا - فغضب وقال:
والله ما أنزل الله على بشر من شئ، فقالوا له أصحابه: ويحك ولا موسى؟ فنزلت الآية، عن سعيد بن جبير، وفي رواية أخرى عنه: إنها نزلت في الكفار أنكروا قدرة الله عليهم، فمن أقر أن الله على كل شئ قدير فقد قدر الله حق قدره، وقيل: نزلت في مشركي قريش، عن مجاهد، وقيل: إن الرجل كان فنحاص بن عازوراء وهو قائل هذه المقالة، عن السدي، وقيل: إن اليهود قالت: يا محمد أنزل الله عليك كتابا؟ قال:
نعم، قالوا: والله ما أنزل الله من السماء كتابا فنزلت، عن ابن عباس " تجعلونه قراطيس " أي كتبا وصحفا متفرقة، أو ذا قراطيس، أي تودعونه إياها " تبدونها وتخفون كثيرا " أي تبدون بعضها وتكتمون بعضها وهو ما في الكتب من صفات الرسول صلى الله عليه وآله والإشارة إليه " وعلمتم ما لم تعلموا أنتم ولا آباؤكم " قيل: إنه خطاب للمسلمين، وقيل: هو

(1) مجمع البيان 4: 315 و - 31.
(2) الحالق من الجبال: المنيف المرتفع لا نبات فيه. المكان المشرف. المهامه جمع المهمة والمهمهة المفازة البعيدة. البلد المقفر.
(3) مجمع البيان 4: 319. (4) في المصدر: مالك بن الضيف.
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست