بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٨٢
وقال الرازي: في تفسير قول النصارى: " ثالث ثلاثة " طريقان: الأول: قول المفسرين وهو أنهم أردوا بذلك أن الله ومريم وعيسى آلهة ثلاثة. والثاني: أن المتكلمين حكوا عن النصارى أنهم يقولون: جوهر واحد ثلاثة أقانيم: أب، وابن، وروح القدس، وهذه الثلاثة إله واحد، كما أن الشمس اسم يتناول القرص والشعاع والحرارة، وعنوا بالأب الذات، وبالابن الكلمة، وبالروح الحياة، وأثبتوا الذات والكلمة والحياة، وقالوا: إن الكلمة التي هي كلام الله اختلطت بجسد عيسى اختلاط الماء بالخمر والماء باللبن، وزعمت أن الأب إله، والابن إله، والروح إله، والكل إله واحد، واعلم أن هذا معلوم البطلان ببديهة العقل فإن الثلاثة لا تكون واحدا، والواحد لا يكون ثلاثة، ولا نرى في الدنيا مقالة أشد فسادا من مقالة النصارى. (1) وقال الطبرسي رحمه الله في قوله تعالى: " ترى كثيرا منهم " أي من اليهود " يتولون الذين كفروا " يريد كفار مكة، يريد بذلك كعب بن الأشرف وأصحابه حين استحاشوا المشركين على رسول الله صلى الله عليه وآله كما مر، وقال أبو جعفر الباقر عليه السلام: يتولون الملوك الجبارين ويزينون لهم أهواءهم ليصيبوا من دنياهم. (2) وفي قوله تعالى: " ما جعل الله من بحيرة " يريد: ما حرمها أهل الجاهلية، و البحيرة: هي الناقة كانت إذا نتجت خمسة أبطن وكان آخرها ذكرا بحروا اذنها (3) و امتنعوا من ركوبها ونحرها، ولا تطرد من ماء، ولا تمنع من مرعى، فإذا لقيها المعيي (4) لم يركبها، وقيل: إنهم كانوا إذا نتجت الناقة خمسة أبطن نظروا في البطن الخامس فإن كان ذكرا نحروه فأكله الرجال والنساء جميعا، وإن كانت أنثى شقوا اذنها فتلك البحيرة، ثم لا يجز لها وبر، ولا يذكر عليها اسم الله إن ذكيت، ولا

(1) التفسير الكبير 3: 433، وفيه: وزعموا أن الأب إله.
(2) مجمع البيان 3: 232، وفيه: " استجاشوا " بالجيم وهو الصحيح، أي طلبوا منهم المدد والجيش.
(3) أي شقوا اذنها.
(4) المعيى: العاجز.
(٨٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 ... » »»
الفهرست