بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧٥
ثم قال: " ورفعنا بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضا سخريا " ثم قال: يا محمد قل لهم: " ورحمة ربك خير مما يجمعون " أي ما يجمعه هؤلاء من أموال الدنيا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: وأما قولك: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا إلى آخر ما قلته، فإنك اقترحت على محمد رسول الله أشياء: منها ما لو جاءك به لم يكن برهانا لنبوته، ورسول الله يرتفع (1) أن يغتنم جهل الجاهلين، ويحتج عليهم بما لا حجة فيه.
ومنها ما لو جاءك به كان معه هلاكك، وإنما يؤتى بالحجج والبراهين ليلزم عباد الله الايمان بها لا ليهلكوا بها، فإنما اقترحت هلاكك ورب العالمين أرحم بعباده وأعلم بمصالحهم من أن يهلكهم بما (كما خ ل) يقترحون.
ومنها المحال الذي لا يصح ولا يجوز كونه، ورسول رب العالمين يعرفك ذلك ويقطع معاذيرك ويضيق عليك سبيل مخالفته، ويلجئك بحجج الله إلى تصديقه حتى لا يكون لك عند ذلك محيد ولا محيص. (2) ومنها ما قد اعترفت على نفسك أنك فيه معاند متمرد، لا تقبل حجة ولا تصغي إلى برهان، ومن كان كذلك فدواؤه عذاب الله (3) النازل من سمائه أو في جحيمه أو بسيوف أوليائه.
وأما قولك يا عبد الله: لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا بمكة هذه فإنها ذات حجارة وصخور وجبال، تكسح أرضها وتحفرها، وتجري فيها العيون فإننا إلى ذلك محتاجون، فإنك سألت هذا وأنت جاهل بدلائل الله، يا عبد الله أرأيت لو فعلت هذا كنت من أجل هذا نبيا؟ قال: لا، قال: أرأيت الطائف التي لك فيها بساتين؟ أما كان هناك مواضع فاسدة صعبة أصلحتها وذللتها وكسحتها وأجريت فيها عيونا استنبطتها؟ قال: بلى، قال: وهل لك فيها (في هذا خ ل) نظراء؟ قال: بلى، قال: أفصرت بذلك أنت وهم أنبياء؟ قال: لا، قال: فكذلك لا يصير هذا حجة لمحمد

(1) في التفسير: ورسول الله يرتفع شأنه عن أن يغتنم اه‍.
(2) في المصدر: حتى لا يكون عنه محيد ولا محيص.
(3) في نسخة: فجزاؤه عذاب الله.
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»
الفهرست