بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٧١
في السماء، أي تصعد في السماء، ولن نؤمن لرقيك، أي لصعودك حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه: من الله العزيز الحكيم إلى عبد الله بن أبي أمية المخزومي ومن معه بأن آمنوا بمحمد بن عبد الله بن عبد المطلب، فإنه رسولي فصدقوه في مقاله، فإنه من عندي، ثم لا أدري يا محمد إذا فعلت هذا كله أومن بك أولا أومن بك، بل لو رفعتنا إلى السماء وفتحت أبوابها وأدخلتناها لقلنا: إنما سكرت أبصارنا أو سحرتنا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله أبقي شئ من كلامك؟ فقال: يا محمد أوليس فيما أوردته عليك كفاية وبلاغ؟ ما بقي شئ، فقل: ما بدا لك وافصح عن نفسك إن كانت لك حجة، وأتنا بما سألناك.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: اللهم أنت السامع لكل صوت، والعالم بكل شئ، تعلم ما قاله عبادك، فأنزل الله عليه: يا محمد " وقالوا مال هذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق " إلى قوله: " رجلا مسحورا " ثم قال الله تعالى: " انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا فلا يستطيعون سبيلا " ثم قال: يا محمد " تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات تجري من تحتها الأنهار ويجعل لك قصورا " وأنزل عليه: يا محمد " فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك " الآية، وأنزل عليه: يا محمد " وقالوا لولا انزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الامر " إلى قوله: " وللبسنا عليهم ما يلبسون " فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: يا عبد الله أما ما ذكرت من أني آكل الطعام كما تأكلون، وزعمت أنه لا يجوز لأجل هذه أن أكون لله رسولا؟ فإنما الامر لله، يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو محمود، وليس لك ولا لاحد الاعتراض عليه بلم وكيف ألا ترى أن الله كيف أفقر بعضا وأغنى بعضا، وأعز بعضا وأذل بعضا، وأصح بعضا وأسقم بعضا، وشرف بعضا ووضع بعضا، وكلهم ممن يأكل الطعام، ثم ليس للفقراء أن يقولوا:
لم أفقرتنا وأغنيتهم؟ ولا للوضعاء أن يقولوا: لم وضعتنا وشرفتهم، لا للزمني والضعفاء أن يقولوا: لم أزمنتنا وأضعفتنا وصححتهم؟ ولا للاذلاء أن يقولوا: لم أذللتنا و أعززتهم؟ ولا لقباح الصور أن يقولوا لم أقبحتنا وجملتهم؟ بل إن قالوا ذلك كانوا على ربهم رادين، وله في أحكامه منازعين وبه كافرين، ولكان جوابه لهم: أنا
(٢٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 ... » »»
الفهرست