بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٦١
كان عيسى ابنه من الوجه الذي كان عيسى ابنه، ثم إن ما في هذا الكتاب يبطل عليكم هذا الذي زعمتم أن عيسى من جهة الاختصاص كان ابنا له، لأنكم قلتم: إنما قلنا:
إنه ابنه لأنه اختصه بما لم يختص به غيره، وأنتم تعلمون أن الذي خص به عيسى لم يخص به هؤلاء القوم الذين قال لهم عيسى: أذهب إلى أبي وأبيكم، فبطل أن يكون الاختصاص لعيسى، لأنه قد ثبت عندكم بقول عيسى لمن لم يكن له مثل اختصاص عيسى وأنتم إنما حكيتم لفظة عيسى وتأولتموها على غير وجهها، لأنه إذا قال: أبي وأبيكم فقد أراد غير ما ذهبتم إليه ونحلتموه، (1) وما يدريكم لعله عنى: أذهب إلى آدم أو إلى نوح إن الله يرفعني إليهم ويجمعني معهم، وآدم أبي وأبيكم وكذلك نوح، بل ما أراد غير هذا، فسكتت النصارى وقالوا: ما رأينا كاليوم مجادلا ولا مخاصما وسننظر في أمورنا.
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وآله على الدهرية فقال: وأنتم فما الذي دعاكم إلى القول بأن الأشياء لا بدء لها وهي دائمة لم تزل ولا تزال؟ فقالوا: لأنا لا نحكم إلا بما نشاهد ولم نجد للأشياء محدثا (2) فحكمنا بأنها لم تزل، ولم نجد لها انقضاء وفناء فحكمنا بأنها لا تزال، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: أفوجدتم لها قدما أم وجدتم لها بقاء أبدا لابد؟ (3) فإن قلتم: إنكم وجدتم ذلك أثبتم (4) لأنفسكم أنكم لم تزالوا على هيئتكم (5) وعقولكم بلا نهاية ولا تزالون كذلك، ولئن قلتم هذا دفعتم العيان وكذبكم العالمون الذين يشاهدونكم، قالوا: بل لم نشاهد لها قدما ولا بقاء أبد الأبد، (6) قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
فلم صرتم بأن تحكموا بالقدم والبقاء دائما؟ لأنكم لم تشاهدوا حدوثها وانقضاءها أولى من تارك التميز لها مثلكم، فيحكم لها بالحدوث والانقضاء والانقطاع، لأنه لم يشاهد لها

(1) في هامش المصدر: تأولتموه (خ ل).
(2) في نسخة: وفى الاحتجاج حدثا.
(3) في المصدر: أبد الاباد.
(4) في نسخة: وفى الاحتجاج: أنهضتم لأنفسكم.
(5) في نسخة: لم تزالوا على ذهنكم وعقولكم.
(6) في المصدر: ابد الاباد.
(٢٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 ... » »»
الفهرست