بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٦٥
يصفر وتحله الصفات التي تتعاقب على الموصوف بها حتى يكون فيه جميع صفات المحدثين، ويكون محدثا - عز الله تعالى عن ذلك - ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فإذا بطل ما ظننتموه من أن الله يحل في شئ فقد فسد ما بنيتم عليه قولكم، قال: فسكت القوم وقالوا: سننظر في أمورنا.
ثم أقبل على الفريق الثاني فقال: أخبرونا عنكم إذا عبدتم صور من كان يعبد الله فسجدتم له وصليتم فوضعتم الوجوه الكريمة على التراب بالسجود لها فما الذي أبقيتم لرب العالمين؟ أما علمتم أن من حق من يلزم تعظيمه وعبادته أن لا يساوى به عبده؟
أرأيتم ملكا أو عظيما إذا ساويتموه بعبيده في التعظيم والخشوع والخضوع أيكون في ذلك وضع من الكبير كما يكون زيادة في تعظيم الصغير؟ فقالوا: نعم، قال: أفلا تعلمون أنكم من حيث تعظمون الله بتعظيم صور عباده المطيعين له تزرون على رب العالمين؟ (1) قال: فسكت القوم بعد أن قالوا: سننظر في أمورنا.
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله للفريق الثالث: لقد ضربتم لنا مثلا وشبهتمونا بأنفسكم ولا سواء، وذلك لأنا عباد الله (2) مخلوقون مربوبون نأتمر له فيما أمرنا، وننزجر عما زجرنا، ونعبده من حيث يريده منا، فإذا أمرنا بوجه من الوجوه أطعناه ولم نتعد إلى غيره مما لم يأمرنا ولم يأذن لنا، لأنا لا ندري لعله أراد منا الأول وهو يكره الثاني، وقد نهانا أن نتقدم بين يديه، فلما أمرنا أن نعبده بالتوجه إلى الكعبة أطعنا ثم أمرنا بعبادته بالتوجه نحوها في سائر البلدان التي نكون بها فأطعنا، فلم نخرج في شئ من ذلك عن اتباع أمره، والله عز وجل حيث أمرنا بالسجود لآدم لم يأمر بالسجود لصورته التي هي غيره، فليس لكم أن تقيسوا ذلك عليه، لأنكم لا تدرون لعله يكره ما تفعلون إذ لم يأمركم به، ثم قال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله: أرأيتم لو أذن لكم رجل في دخول داره يوما بعينه ألكم أن تدخلوها بعد ذلك بغير أمره؟ أولكم أن تدخلوا دارا له أخرى مثلها بغير أمره؟ أو وهب لكم رجل ثوبا من ثيابه أو عبدا من

(1) أي تعيبون عليه وتضعون من حقه.
(2) في نسخة وكذا في الاحتجاج: وذلك أنا عباد الله.
(٢٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 ... » »»
الفهرست