بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩ - الصفحة ٢٥٩
وأما ما احتججتم به (1) يؤديكم إلى ما هو أكبر مما ذكرته لكم، لأنكم قلتم: إن عظيما من عظمائكم قد يقول لأجنبي لا نسب بينه وبينه: يا بني، وهذا ابني، لا على طريق الولادة، فقد تجدون أيضا هذا العظيم يقول لأجنبي آخر: هذا أخي، ولآخر: هذا شيخي وأبي، (2) ولآخر: هذا سيدي ويا سيدي على سبيل الاكرام، وإن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، فإذا يجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله أو شيخا له أو أبا أو سيدا لأنه قد زاده في الاكرام مما لعزير، كما أن من زاد رجلا في الاكرام قال له يا سيدي ويا شيخي ويا عمي ويا رئيسي على طريق الاكرام، وإن من زاده في الكرامة زاده في مثل هذا القول، أفيجوز عندكم أن يكون موسى أخا لله، أو شيخا، أو عما أو رئيسا، أو سيدا، أو أميرا؟ لأنه قد زاده في الاكرام على من قال له: يا شيخي أو يا سيدي، أو يا عمي، أو يا أميري، أو يا رئيسي، قال: فبهت القوم وتحيروا و قالوا: يا محمد أجلنا (3) نتفكر فيما قلته لنا، فقال: انظروا فيه بقلوب معتقدة للانصاف يهدكم الله.
ثم أقبل صلى الله عليه وآله على النصارى فقال: وأنتم قلتم: إن القديم عز وجل اتحد بالمسيح ابنه، فما الذي أردتموه بهذا القول؟ أردتم أن القديم صار محدثا لوجود هذا المحدث الذي هو عيسى؟ أو المحدث الذي هو عيسى صار قديما لوجود القديم الذي هو الله؟ أو معنى قولكم: إنه اتحد به أنه اختصه بكرامة لم يكرم بها أحدا سواه؟ فإن أردتم أن القديم تعالى صار محدثا فقد أبطلتم، لان القديم محال أن ينقلب فيصير محدثا، وإن أردتم أن المحدث صار قديما فقد أحلتم، لان المحدث أيضا محال أن يصير قديما، وإن أردتم أنه اتحد به بأن اختصه واصطفاه على سائر عباده فقد أقررتم بحدوث عيسى وبحدوث المعنى الذي اتحد به من أجله، لأنه إذا كان عيسى محدثا وكان الله اتحد به بأن أحدث به معنى صار به أكرم الخلق عنده فقد صار عيسى وذلك المعنى محدثين، وهذا

(1) في نسخة وفى الاحتجاج: وان ما احتججتم به.
(2) في المصدر: ولآخر هذا أبى.
(3) في النسخة المقروءة على المصنف: خلنا.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست